الجمعة، 25 أبريل 2014

أواعدك بالوعد وأسقيك يا كمون :


في العراق مثل مشهور يقول : ( أواعدك بالوعد وأسقيك يا كمون ) ... والمثل يبين مقاومة نبات الكمون للجفاف ، و حاجته الى اسلوب خاص للسقي خوفا من تلفه ... لكن العراقيون يتداولون قصتين ملفقتين عن أصل هذا المثل ، وكلاهما تلفيق من تلفيقات المؤلفين الشطار ... تقول الأولى ان الكمون شكا عطشه للفلاحين لكي يسقونه بكثرة أسوة بباقي النباتات ... لكنهم لا يستطيعون إرضائه بالطبع ، فقد يفسد ، لأن طبيعته تفضل العطش ... فأخذوا يعدونه بالسقي دون تنفيذ على طريقة مواعيد عرقوب ... حتى نضج دون وفاء بالوعد !!! .
أما القصة الملفقة الثانية فهي التي ألهمتنا رأينا حول ما ينبغي عمله في الإنتخابات العراقية ... وهي تتحدث عن أحد الحكماء ممن يعملون في الطب و تلميذه كمون ، الذي أتقن المهنة حتى صار خطرا ً على الأستاذ ... وصار يعارضه بآرائه ، ويكتشف ما يثير حسد الأستاذ من جديد الافكار ، والإبتكارات .
إختلف الاستاذ وتلميذه كمون يوما ً في قضية ، وتطور الإختلاف إلى خلاف .
فإتفقا أن يخوضا رهانا ً قاتلاً كي يبقى أحدهما في المدينة ، ويموت الآخر !!! .
كان موضوع رهانهما ، أن يستخدم كل منهما مهارته وخبرته في الطب ، في صناعة سم زعاف يتناوله الآخر ، ثم يعالج الذي يشرب السم نفسه دون أي مساعدة من أي شخص آخر ... فإذا إستطاع الشفاء ولم يمت ، جاء دوره ليسقي خصمه السم الذي صنعه هو .
وهكذا كان ... وجاءت القرعة لصالح التلميذ كمون . 
صنع كمون سمه أولا ً ... فشربه الاستاذ ، وإستطاع علاج نفسه بطرق ٍ غريبة تذكرها القصة .
ثم جاء دور الأستاذ بعد شفاءه ، ليصنع سمه للتلميذ .
كان الأستاذ يتأخر كل ليلة الى ما بعد منتصف الليل ، وهو يدق في هاونه ( مهراسه ) خلطته من مكونات السم الذي وعد تلميذه به ... والتلميذ يسمع من بيته القريب ذلك الرنين المقلق للهاون كل ليلة .
مرت أسابيع والأستاذ يدق ، ويدق ، ويدق ، والتلميذ يستغرب ويتسائل ، ويفكر ، ويأرق ، ماذا عساه أن يكون هذا السم ؟؟؟ وماذا سيستخدم أستاذه ؟؟؟ .
هو بعرف كل ما يعرفه الاستاذ ... وليس فيها ما يحتاج كل هذا الوقت !!! .
ترى هل كان الأستاذ يخفي شيئا ً من معارفه عنه ؟؟؟ .. هل إكتشف سماً جديدا ً من اجله فقط ؟؟؟ .
ماذا يحضر يا ترى ، و ماذا عساه يخلط ، ويدق هذا الأستاذ له !!! .
حتى أمرضه التفكير ، وقتله !!! .
لقد أدرك الاستاذ بحكمته ذكاء تلميذه ... وأدرك مدى الحداثة في أفكاره ... و علم انه قادر أن يعالج نفسه ، و ينجو من آثار أي سم تقليدي يصنعه له معلمه ... فقرر ان يتخلص منه بطريقة مبتكرة يجهلها التلميذ ولا يحسن التعامل معها ، وهي الخبرة ، والحكمة اللتين لا يمتلكهما تلميذه !!!! .
وهذا بالضبط ما أعول عليه في التعامل مع لصوص العراق ومع الإنتخابات العراقية ... ما لا يحسنه اللصوص ... وما يخشونه ... وما يفتقده الناس ... وهو الوعي .
الوعي فقط .
علينا ان لا ننتخب ... وان نرفض ... لتعلم أميركا ، وإيران والسعودية ، وقطر ، وزعماء الطوائف والمليشيات أننا لسنا أغناما ً ... وإننا قادمون !!! .
ليس في هذه الدورة ، ولا في القادمة ، ولا التي بعدها ... لكننا سنبني وعيا ً لا يستطيعون مقاومته ... وسننتصر .
وسيكون لموقفنا ما يثير تساؤل الناس ... وتعاطفهم يوما ً بعد يوم ... وتنامي وعيهم تدريجيا ً ... وإنضمامهم إلينا .
نعم نحن ضعفاء ... لكننا لسنا أغبياء .
يستطيعون تحطيمنا ... وإجاعتنا ... وسرقتنا ... لكنهم لن يستطيعوا هزيمتنا ( على رأي أرنست منغواي في الشيخ والبحر) ، إذا كنا واعين .
دعوة للجميع ليقولوا لا ... لا كبيرة تقلق اللصوص ... وتساعدنا في بناء الوعي القادم .
الإنتخابات القادم لن تغير شيئا ً ... وستكون نتائجها اسوء بكثير من السابق ... وستمر أربع أعوام اخرى من الخراب والفساد واللا توافق .

د حكيم العبادي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق