الثلاثاء، 27 أكتوبر 2009

أعطاني الله كل ما أحتاجه

سألت الله أن يعطيني قوة، فواجهني بالمصاعب كي تجعلني قويا....
سألت الله أن يعطيني حكمة، فواجهني بالمشاكل كي أحلها....
سألت الله أن يحسن وضعي فأعطاني عقلا كي أعمل...
سألت الله أن يعطيني شجاعة فألقى في طريقي العقبات كي أجتازها....
سألت الله أن يمنحني حبا، فأعطاني ناسا بحاجة إلى عطفي وحبي...
سألت الله عن واجبات فأعطاني فرصا كي أنتهزها.....
لم يعطني الله شيئا سألت عنه، لكنه أعطاني كلّ ما أحتاجه....
مترجمة عن الإنكليزية لكاتب مجهول

سادية حاكم ..مازوشية شعب

حين بلغ الشاب الفرنسي (رنسوا دي ساد) الخامسة عشرة دخل الجيش ليصبح ضابطا في سلاح الفرسان . وبعد أن جاب أوربا عاد الى باريس لينغمس بحياة المتعة والمغامرة، فأجبره والده على الزواج من فتاة لا يحبهافدفعه زواجه القسري هذا الى حياة التهتك والمجون في بيت ريفي، ارتكب فيه فضائح أودعته سجن الباستيل (12) عاما كتب فيها ثلاث روايات من الأدب المكشوف(جوليت، جوستين، 120 يوما في سادوم) دعا فيها الى ممارسة أكثر أشكال السلوك الجنسي انحرافا (لجعل الانسان متحررا وفائق القدرة) بحسب تعبيره. ومن (دي ساد)هذا أشتقت السادية لتعني الحصول على الاثارة والمتعة بايقاع الألم على الشريك بالعملية الجنسية،عدّت ، بمفهوم الطب النفسي، نوعا من الاضطراب والقائم به شخص غير سوّي وقد توسع مفهوم "السادية" وخرج من اطاره الجنسي الى مفهوم سياسي نفسي منطلقا" من مبدأ ان السادية هي في الأصل عدوان قبل ان تكون جنسا"، وان جوهر الساديةهو أنها علاقة سطوه، اذ لايستطيع المتسلط السادي ان يكون الا من خلال التعزيز الدائم لسطوته، التي بدورها لا تتعزز الا بمقدار اضعاف الطرف الآخر في العلاقة واجباره على ان يقرّ بعجزه وهوانه ازاءه، واوضح نموذج لها هو دكتاتور النظام السابق . فبقدر ما كان يتمادى في اضطهاد الناس- وزيادة قسوة السادي دليل على شدّة ذعره - كان يعمد الى ذمّ العراقيين وازدرائهم والتقاط عيوبهم وتحقيرهم، فضلا" عن دوافعه القسريه التي أجبرته على تدمير سعادتهم وتبديد آمالهم .وهنالك من يذمّ العراقيين ويلومهم على الحال الذي هم فيه، معللين ذلك أن الشعب الذي اعتاد على حكم السلطات الدكتاتورية لمئات السنين يتحول الى شعب مازوشي، يعدّ الخضوع حقا للسلطة وواجبا عليه ويستهون الرضوخ لحاكم يمنحه سلطة الأب القاسي . وأنه "الشعب المازوشي" اذا حصل على الحرية والديقراطية سادت به الفوضى وصار بعضه يأكل بعضا،لأن المازوشي اذا تحرر من سلطة السادي أنقلب عدوانيا . ومع أن في هذا التحليل ما هو صحيح، الا أنهم يريدون أن ينتهوا الى القول بأن العراقيين بهم حاجة الآن الى سلطة دكتاتور لتستقيم أمورهم .والخطأ في ذلك أنه لا يوجد شعب مازوشي بالفطرة أو بالتعوّد، وأن رضوخ الانسان المسحوق لسلطة متجبر ليست صفة ثابتة ودائمة، فالناس خلقوا أحرارا، والطبيعة البشرية السوية تكره " الخضوع " ولا تميل الى السيطرة على الآخر بالقسوة والعدوان ما يحسم هذا الأمر ان العراقيين مقبلون على انتخابات،فاذا اختاروا بوعي ومسؤولية، حاكما ديمقراطياعادلا وحازما، فانهم سيغلقون الباب الخلفي لمجيء دكتاتور ..ففي الأمثال نقول: "لا يلدغ العاقل من جحر مرتين" فكيف بشعب تخلّص من لدغة "عربيد" أسود واجتاز المحنة الأصعب في ست سنوات عجاف دفع فيها باهضا ثمن الأثنتين: سادية الحاكم ومازوشية نفسه !
ا. د. قاسم حسين صالح

الثلاثاء، 20 أكتوبر 2009

الدمكرادتيسيه وَأَدَت الديمقراطيه في العراق !

عرفت السياسة بأنها فن الحكم والانشطة التي تؤديها الدوله .والسياسة في اوسع معانيها تعني النشاط الذي يمكن المتخصصين في مجال القانون والسياسة والتعليم والاقتصاد والبيئة وغيرها من صياغة القواعد العامه التي يعيشون في ظلها او تعديلها او المحافظة عليها بالاضافة لوضع الخطط المستقبلية الثابتة والبديلة لكل ميادين الحياة لضمان أستمرار الحياة وازدهارها .وترتبط بظاهرتي الصراع السلمي والتعاون .وعليه فالسياسة فن وعلم لصياغة قوانين وخطط تخدم المجتمع بصورة عامة . الا اني لست شغوفة بالعملية السياسة العراقية بحد ذاتها على الاطلاق لما جلبته لنا من ويلات بأسمها وضاعت اجيال بالكامل بسبب عدم نضجها كمصطلح . ولكن منذ سقوط الصنم وانا اتابع كل مايجري على الساحة العالمية والعراقية بصورة خاصة ولا يعني هذا اني متعصبة للعراق .ولكن اقولها بصدق اني افرح لفرحه واحزن لحزنه واتلهف لمعرفة نجاحاته وتقدمه وامتلئ بفخر عارم واحاسيس لا توصف وانا اقرء كل كلمة تكتب فيه وتحسب له ولشعبة ومها حصلت وتحصل من اخفاقات لايعني هذا نهاية المطاف المهم ان نستفيد من اخطائنا لتصحيح المسير لان الابداع العراقي ليس له حدود .ولكن ما شدني هذه المرة الفهم العجيب الغريب لمفهوم الديمقراطية كمفردة في العملية السياسية ,وكيفية تداولها من قبل القوى السياسية على الساحة العراقية. فكلنا يعرف ان الديمقراطية هي حكم الشعب كما توضحه اصل الكلمة اليونانية .والديمقراطية تستند على ركنيين اساسيين في الحكم هما: حكم الاكثرية وحماية حقوق الاقليات والافراد من خلال تنظيم مفاهيمها ومبادئها التي لا يمكن تجاهلها. كتداول السلطات سلميا, و المحافظة على حكم الاغلبية, ومبدء التمثيل والانتخاب, والمساوات بين ابناء الشعب, ومفهوم المعارضة الوفية ,وسيادة القانون, واللامركزية . وتطبيق هذه المبادئ طبعا نسبية ونسبيتها تتعلق بالبلد المطبق لها لما يمتلكه شعبه وسياسيه من ثقافة وادراك لمفهوم الديمقراطية ومبادئها والعملية السياسية برمتها. اما على الساحة العراقية فالمطبق حاليا مفهوم الدمكرادتيسية ومعني هذه (الدمكرادتيسيه) يعني بمفهوم سياسي العراق ترتكز على ثلاث اركان اساسية هي :الدم ,والاكراد, والتيسيه( التيوس ) .فالدم حل محل حكم الاغلبية فأصبحت الاولوية للاقرباء من نفس العائلة والعشيرة, الدم القبلي الواحد .فالمسؤول والوزير والرئيس والحزبي يفضل الاقرباء من الدرجة الاولى. فعمت المؤسسات والوزارات ومختلف الدوائر وتوشحت برابطة الدم التي جلبت الويلات على الشعب العراقي هذا اولا .وثانيا كثر الدم العراقي المراق على الساحه العراقيه .و هذا ما رصدته لجنه الدفاع عن حقوق الانسان في بريطانيا حيث ذكر تقريرها بأن عدد القتلى في العراق للفترة مابين 2004 - 2008 والمعتمد على شهادات الوفاة الصادرة من وزارة الصحة العراقية هو مابين 85 الى 100 الف شخصا. وتضمن التقرير ايضا 15 الف جثه لم يتعرف عليهم .ومن بين القتلى 1279 طفل و2334 سيدة و263 استاذا جامعيا و21 قاضيا 95 محاميا و269 صحفيا وهذا فقط نتيجة العنف . اما الوفيات الناتجة عن عوامل اخرى مثل الدمار الذي اصاب البنية التحتية والخدمات الصحية والضغوط النفسية التي ادت الى مزيد من الوفيات فهي غير مرصودة .ووفقا لاحصائيات هذا التقرير اصيب 148 الف شخصا خلال نفس الفترة اصابات مختلفة. اما اخر احصائية عن هيئة الاحصاء بالعراق وهي جهة غير حكومية قد وضعت عدد القتلى لنفس الفترة بنحو 93540 شخصا .ومن المفارقات المضحكه المبكية تم احصاء الحيوانات والشجر وتجاهلو احصاء البشر في العراق لغاية في قلب يعقوب السياسي . اذن اصبح واضح لنا الركن الاول من الدمكرادتيسية في العراق هواذن حكم الدم واراقة الدماء .اما الركن الثاني هو الاكراد وهنا ينطبق عليهم المثل العراقي( مهروش ووكع بكروش) .فما نراه من تصرفات للحزبيين الرئيسين لا يصدق فتهديداتهم مستمرة بضم المناطق المتنازع عليها بعد ان احدثو هذا المصطلح السياسي الجديد( المناطق المتنازع عليها) وكأن الحديث يدور حول مناطق بين دولة واخرى .وزياراتهم المتكرره لدول الخليج وايران وتصريحاتهم التي لا تعرف الحدود السياسية والاجراءات المعقدة من قبل سلطات الاقليم حيال دخول العراقيين واقامتهم في المنطقة الشمالية وكأننا نزور بلد الصين مثلا, بالرغم من ان الرئيس ونائبه وبعض الوزراء وعدد من البرلمانيين والادارات العامة والجيش وغيرها من المواقع يترأسها اكراد ناهيك عن نصف مليون كردي يسكن بغداد, وتصدرهم التمثيل الدبلوماسي للعراق .ولم يكتفو بهذا فأقرارهم دستور الاقليم الذي يعتبر مناطق حوض نينوى ومناطق في ديالي وبدره وجصان في محافظة واسط الواقعة في وسط العراق وكركوك مناطق تابعة لكردستان ورفعهم العلم الكردي( اللهم صلي على محمد وال محمد ) و جيشهم الباشمركي , وتمنعهم المستمر من الحوار لحل بعض القضايا مع السلطة المركزية والاستهانة بكل ما تتخذه الحكومة المركزية وفتحهم الحدود لكل من يعادي العراق من اشخاص وشركات واجهزة استخبارات ناهيك عن الصفقات التجارية المشبوهة والعقود النفطية الغير معتمده من حكومة المركز واستحواذهم على كل خيرات شمال العراق والمراكز الادارية والتمتع بها بأسم رابطة الدم واهمال الشعب الكردي الغارق في الخوف من الاقصاء والفقر,كل هذا يجسده الركن الثاني من الدمكرادتيسية بأمتياز . اما الركن الثالث هو( تيوس) العملية السياسية وممثلي الدمكرادتيسية الجديدة الذين سرقوا العراق وهربوا ولا تزال ملاحقتهم مستمرة ,وداعمي الارهاب والتفجيرات والمعطلي كل قرارات البرلمان و المعلن انتمائهم الى دول الجوار التي لا تريد للعراق خيرا ,وهم كثر ومن كل الاحزاب والطوائف . اما المفاهيم والمبادئ التي تسير امور الديمكرادتيسية المعتمدة هي ما يلي : السلطات لا تسلم الا بحرب اهلية معلنه و المسؤليات لرفاق الدم فقط ,وحكم الاغلبية اصبح حكم الفوضوية لان الاحزاب اصبحت لاتعد ولا تحصى بالاضافة الى الكتل والتجمعات وممثلي مختلف القوميات المستندة على المذهب واللون والقومية والطائفية والمظلومية , ومصطلحات ما انزل الله بها من سلطان فاصبح العراق بدون اغلبية تذكر جراء هذه التفرقة والمحاصصة القاتلة . اما مبدء التمثيل والانتخابات اصبح سعلة للبيع والشراء ولمن يدفع اكثر ففقدت مصداقيتها بين ابناء الشعب العراقي والعزوف الاخير عن تحديت السجلات الانتخابية واضح للداني والقاصي . والبرلماني لا يتمتع بأستقلالية القرار فالقرارات معطلة والحركة السياسية مشلولة. والا لماذا لم يصدر لحد الان تعديل قانون الانتخابات اكرر تعديل القانون. و مفوضية الانتخابات مشكوك فيها ناهيك عن كثرة اللجان المشكلة مع ايقاف التنفيذ. اما المساوات بين ابناء الشعب حديث يطول شرحه لان الواسطة والمحسوبية والمنسوبية الحزبية والعشائرية لها اليد الطولى في تقيمها للمساوات, فالمرأة مثلا 60 % من الشعب العراقي مغيبة بالكامل عدا واجهات بعض الاحزاب السياسية من النساء . ومفهوم المعارضة الوفية اصبحت ارهاب وتهديدات وتفجيرات واختيالات والدليل كل برلماني ومسؤول تحرسة عشرات الرجال والمقرة قانونيا بأسم الحماية الشخصية اما العباد الهم الله .اما القانون وسيادتة ,فالدستور حير الكتاب والباحثين والحقوقيين . وسأذكر لكم بعض متناقضاتة من خلال الدراسات التي قدمت حوله .المادة 1 لم توضح هوية العراق. المادة 4 جعلت للعراق لغتان رسميتان هي العربية والكردية علما اغلب دول العالم تعتمد اللغة التي يتكلم بها اغلب أبناء الشعب (وخذ مثلا الهند فيها اكثر من 400 لغه و1500 لهجه والله ما اعرف كم لغة ستعتمد بمفهوم الديمكرادتيسية هذه .انت احزر؟) نرجع لمواد الدستور . المادة 9 من الباب الاول تدعوا ضمنيا للمحاصصة والتقسيمات حتى داخل الجيش .المادة 18 من الباب الثاني لا نعرف العراقي من هو بالضبط .المادة 25 تجاهلت القطاع الحكومي في التنمية الاقتصادية .المادة 23 في التملك الفقرة( أ) تناقض الفقرة (ب). المادة 23/ ثالثا/ ب تخالف ماجاء بالمادة 42 اولا. المادة 40 مخالفة لما جاء في المادة 2 .اما الطامة الكبرى المادة 45 تسمح بقانون عادي بتعديل نص دستوري .المادة 49 والمادة 69 والمادة 76 الخاصة باليمين الدستوري لم تذكر الحفاظ على وحدة العراق .المادة 50 تشير الى عدم وجود نص صريح لقانون مجلس النواب . المادة 58/ اولا/( أ) ترفع نسبة حضور مجلس النواب الى نسبة الاغلبية المطلقه لانعقاد جلساته اما الفقرة (ب )/اولا/ تنص على اتخاذ القرارات بالأغلبية البسيطة وبالرغم من هذا القرارات معطلة .الباب الرابع المادة 2 والمادة 7 والمادة 14 تنسف وحدة التمثيل العراقي الخارجي والعلاقات الدولية والدبلوماسية . ناهيك عن عدم الوضوح بالموارد المالية والموازنة العامة والعملة وغيرها من التفصيلات الاخرى المتعلقة بالطائفية والقومية ومواد أكثر متناقضة يطول شرحها .هذا ما يخص دستور الدمكرادتيسية .اما مفهوم اللامركزية استبدل بشعار (صار البيت لمطيره وطارت بي فرد طيره) وعليه كل مسؤول يصرح ما يريد ويعقد صفقات براحته ويترأس وفود على مزاجه وناس ترفع وناس تكبس. وازدهرت صالات الاردن وسوريا ومصر و في كل يوم وفد رايح ووفد راجع وهذه الزيارات بعض منها معلن والبعض الاخر لا يصرح به . وعلى حساب هموم العراقيين والمصيبه بدون فائده تذكر و كل شي باقي على نفس الحال ( يعني تيتي تيتي مثل ما رحتي جيتي ) المهم صرف وسفر وميزانيات خاصة . والمواطن لا حوله ولا قوته له الحمد لله مسموح له ايزور ويلطم ويبكي . و الخدمات العامة معطله بفضل تأجيل القرارات من قبل البرلمان خوف ان تحسب لصالح الحكومه وهذا هو عظمة الدمكرادتيسية .وعلى حد قول الاستاذ مثال الالوسي لسؤال طرحه عليه مذيع الفيحاء حول اهمال الخدمات للشعب العراقي من ماء وكهرباء وعناية صحية. فأجاب لماذا تقول هذا واي تعطيل تعني ! تعال وشوف بيوت البرلمانيين والوزراء والمسؤولين الكبار عندنا الماء الصافي وعدم انقطاع التيار الكهربائي وارقى الاثاث نستورده من الخارج اما المواطن فهو ليس بحساباتنا . نعم هذا هو الجواب الوافي والصريح . العراقي لم يكن يوما في حسابات المسؤولين الدمكرادتيسين ولا حتى سيكون اذا ما بقيت نفس التشكيلة البرلمانية قائمة. اذن بهذا الشرح وبكل اوجه و مفاهيم الدمكرادتيسية هذه وَأَدَت الديمقراطيه في العراق وهي في المهد والله اعلم ماهو المصطلح السياسي الجديد المرشح للاغتيال مستقبلا ؟
أ.د.أقبال المؤمن

ماهو الفرق بين الضاء والظاد

أنطق الكلمة اللي فيها حرف الظاد او الضاء بالمصري ...
اذا الحرف ينطق بالزاي .. تكون ظا .. والا فهي ضاء ...
مثال : الرياز .. ماتجي .. اذن هي الرياض ...
الزاهر .. تجي .. اذن هي الظاهر ...
مزلوم .. تجي .. اذن هي مظلوم ...
عزيم .. تجي .. اذن هي عظيم ...
زروري .. ماتجي .. اذن هي ضروري ...

ثورة الإعلام الرقمي (نشوء ضاهرة التدوين والمدونات)

لم يكن مستغربا ذلك التطور الثوري الهائل الذي حدث على وسائل الإعلام بمختلف اتجاهاتها وأشكالها التقليدية في كل أرجاء المعمورة، وتحديدا خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، فتلك التغيرات كانت نتيجة طبيعية لما يطلق عليه اليوم بمصطلح العولمة العابرة للقارات أو ثورة المعلومات الرقمية ، وهذه الأخيرة بالطبع كانت نتاج طبيعي آخر للتطور الالكتروني والتكنولوجي الذي حدث في مجتمع ما بعد الصناعي انعكست كل تلك التحولات التكنولوجية والالكترونية المتسارعة سلبا وإيجابا على حياة الدول والشعوب، لامست حياة الإنسان اليومية من مأكل ومشرب وملبس، - أي – أنها اخترقت طريقة تفكيره وثقافته العامة، وتوغلت في تطور مسيرة الأمم وشؤونها الداخلية وسياساتها الخارجية، الأمر الذي دفع العديد من دول العالم التي تنبهت لذلك التغيير الى مواكبة تلك التحولات بتغيير سياساتها الرجعية والقديمة، وبطريقة تجعلها تتكيف مع تلك المتغيرات العالمية المتسارعة .وبعبارة ابسط (فان التكنولوجيا الجديدة غيرت كتل بناء السياسة العالمية، وسوف يتعين على سياساتنا أن تتكيف لذلك بطريقة مناسبة، فإذا ركزنا على القوة الصلبة للدول والأمم فقط، فسوف تفوتنا الحقيقة الجديدة، ونفشل في إحراز تقدم لمصالحنا ومثلنا وقيمنا)، حيث انه بات من الاستحالة بعد الآن ان تتمكن الدول والحكومات والأنظمة في مختلف أنحاء العالم، من السيطرة على تدفق سيل المعلومات القادمة من الخارج، أو ان تستطيع بطريقة فعالة أن تحتوي الثقافة الرقمية الجديدة التي أطلقتها الشبكة العنكبوتية الانترنت وبمعنى آخر، ستجد اغلب الحكومات في جل أنحاء العالم نفسها متأخرة ومتخلفة كثيرا عمن سواها، في حال لم تتنبه الى حقيقة ان أسلوب المركزية القديم في إدارة الدولة وتسيير شؤونها الخارجية والداخلية قد أكل عليه الزمان وشرب ، وتلك هي الحقيقة التي تؤكدها ملايين الحواسيب العملاقة وشرائح السيليكون التي استبدلت أطنان الأوراق، فبات احتواء تدفق المعلومات على الانترنت وقنوات الستالايت الفضائي وحجب المواقع أو المنتديات أو المدونات وغيرها من وسائل تبادل البيانات والمعلومات ضربا من ضروب الخيال أو الجنون يقول دوغلاس ماكغري في كتابه أرخبيل السيليكون بان (حركة المرور على شبكة الانترنت ظلت تتضاعف مرة كل مئة يوم على مدى السنوات القليلة الماضية، ففي سنة 1993م – أي قبل 16 سنة تقريبا – كان هناك نحو خمسين موقعا على الشبكة في العالم، أما بحلول نهاية عقد التسعينيات – أي بعد 6 سنوات فقط – فقد زاد العدد الى خمسة ملايين موقعا – أي ما يقارب 65 ألف موقعا شهريا – أي بمتوسط 23.. موقعا يوميا)، فكيف بالعدد اليوم ونحن نلج العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين – أي – في العام 2001م ؟لذا فان هذا الطرح سيتناول تحديدا إحدى تلك التطورات التي حصلت في هذا الجانب من الانقلاب الثوري في تقنية الإعلام الرقمي الحديث، ونقصد ولادة ما يطلق عليه اليوم بـ المدونات الشخصية أو بالبلوغرز ، وهي اختصار لعبارة log أو مدونة الكترونية ،، ويطلق عليه كذلك بـ والتي تعني باللغة الانجليزية مدونة مصغرة، وتعتبر هذه الأخيرة اليوم واحدة من أهم روافد تبادل المعلومات والمعرفة والتواصل العابر للقارات والتعبير عن الرأي والرأي الآخر عبر شبكة الانترنت العالمية، والتي أتاحت للكثير من شرائح المجتمع وخصوصا فئة الشباب، تلك المساحة الشاسعة من الحرية المعرفية والتعبير عن الرأي في مختلف المجالات التنموية، والتي كانت قبل ذلك معرضة للقمع والحجب والغلق من قبل مقص رقيب النظام المركزي البيروقراطي ظهر التدوين الشخصي الأول، او ما يسمى بالمدونات الشخصية بالولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا مع مطلع عقد التسعينيات من القرن الماضي، حيث (بدأت مؤسسة سنة 1994 بإنشاء أول موقع يمكن تصنيفه كمدونة، وان كانت التسمية لم تظهر إلا سنة 1997 م، حيث عرفت هذه الفترة ظهور خدمات تدوين مثل في سنة 1997، و سنة 1998م، ثم سنة 1999 م)، وقد وفرت بعض الأحداث العالمية كالحرب على أفغانستان نتيجة أحداث الحادي عشر من سبتمبر من العام 2001م، والحرب على العراق موردا خصبا لتطور ظاهرة المدونات الفردية والجماعية عبر الشبكة العنكبوتية من الناحيتين الكمية والكيفية، وخصوصا تلك المدونات التي تهتم بالسياسات والعلاقات الدولية وحقوق الإنسان .وتشير الكثير من الدراسات والإحصائيات الرقمية التي قامت بها العديد من المؤسسات والمواقع العالمية الكبرى ذات الاختصاص، وتحديدا تلك التي تستضيف تلك المدونات في العالم كمؤسسة - أونيكس وبلوهوست وتكنورايت، وبلوغ هيرالد، وموقعي جوجل والياهو، و وهي على سبيل المثال لا الحصر، وان كانت تلك الدراسات والإحصائيات غير موثقة بالطبع – لكثرة عدد المدونات الشخصية التي تولد كل دقيقة في مختلف أنحاء العالم، ما يؤكد بان متوسط عدد المدونات التي يتم إنشاءها وتفعيلها كل سنة في مختلف أنحاء العالم يصل الى أكثر من 5 ملايين مدونة مفعله ، منها بالطبع ما يكتب له الاستمرار ومنها ما يتوقف بحسب ظروف صاحبها . 14 فيما قدر موقع الاستضافة بلوغ هيرالد عدد المدونات في العالم حتى نهاية العام 2006م – منذ مطلع التدوين في تسعينيات القرن الماضي - بأكثر من 1.. مليون مدونة، وأذاع تقرير المبادرة العربية لانترنت حر رقما نسبيا - غير مدقق علميا - لعدد المدونات العربية سنة 2006 م حيث أحصاها في 4. ألف مدونة)، فيما تقدر مواقع عربية متخصصة أخرى عدد المدونات العربية اليوم بأكثر من مليون ونصف مدونة تم تفعيلها حتى نهاية العام 2..8م، ولكنها بالرغم من ذلك – وللأسف الشديد – فهي لا تتجاوز حتى الآن ما نسبته التقديرية من 7 – 9 % من المدونات العالمية .وتحتل اللغة اليابانية الصدارة من حيث عدد المدونات، تليها المدونات باللغة الانجليزية، ثم العربية، وقد قُدّر مجموع إيرادات تلك المدونات بـ 36 مليون دولار في عام 2008 م، ويتوقع أن تبلغ إيرادات المدونات من الإعلانات التجارية بحلول عام 2001.م حوالي 2.. مليون دولار حسب شركة بي كيو للاستشارات الأمريكية، والحقيقة أن التحول الهائل الذي طرأ على هيكلية تلك المدونات، وتحديدا في العالم العربي يبشر بالخير، حيث يتوقع ان ترتفع نسبة المدونات العربية خلال العشر سنوات القادمة الى أكثر من 15% من نسبة المدونات العالمية، رغم ان تلك النسبة قد لا تعني الكثير في ظل وجود الشريحة الأكبر من الشباب بالنسبة لسكان العالم في العالم العربي، تحتل بينها المدونات المصرية المرتبة الأولى عربيا ثم السعودية ثانيا فالعراقية ثالثا، أما خليجيا فتاتي السعودية في المركز الأول من حيث عدد المدونات، ثم تليها المدونات الكويتية ثانيا والملاحظ الآخر بالإضافة الى الكم الهائل من تلك المدونات، فهناك الكيف الذي تطورت من خلاله تلك المدونات الشخصية خلال العقد ونصف الماضيين، حيث تحولت من مدونات شخصية الى أخرى يطلق عليها بالمدونات الجماعية (إذ لم يعد الاتصال الحديث موقفا سلوكيا ينقل فيه مصدر رسالة الى مستقبل بهدف التأثير فيه، وإنما أصبح موقفا تبادليا يتبادل فيه شخصان او أكثر المعلومات والأفكار، ولم يعد الاتصال الجماهيري يسير وفق نموذج من فرد إلى أفراد عديدين، بل أصبح يسير وفق نموذج من أفراد عديدين الى أفراد عديدين، أو ما يتعارف على تسميته بالتفاعلية الجمعية) – انظر في هذا الشأن على سبيل المثال لا الحصر– مدونة المجال السيبيري والقوانين الأخرى، للورنس ليسيغ وتعد الدراستين التخصصيتين اللتين أعدهما كل من مركز بيركمان للإنترنت والمجتمع التابع لجامعة هارفارد الأمريكية، والتي نشرتها صحيفة ذي ناشونول الإماراتية في سبتمبر 2009م، وكتاب العرب المخفيون — كتالوج تحليلي للعرب الذين لا نعرفهم والذين ليسوا إرهابيين – للكاتبة الايطالية باولا كاريدى من أهم وابرز المراجع الحديثة التي يمكن اللجوء إليها في هذا الشأن، حيث تناولت تلك الدراسات بالتفصيل والدقة ظاهرة تطور المدونات العربية خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.وقد أشارت الكاتبة الايطالية باولا كاريدى في حوارها مع جريدة الشرق الأوسط في يناير2008 إلى أنها خصصت فصلا كاملا عن المدونين والتدوين العربي عبر الانترنت بوصفه موجة جديدة يعيشها العالم العربي، ومن ضمن ما جاء في كتابها البحثي القيم قولها: (إن المدونين العرب يستخدمون الانترنت في محاولة منهم لتغيير الواقع المعاش، كما يحاولون إظهار الوجه الإنساني للعالم العربي في مواجهة النمطية الأوروبية عن الشرق المسلم، فهؤلاء المدونون يدركون تماما كيف ينظر الغرب إليهم ويحاولون تغيير هذه الرؤية عبر استخدام لغة محتليهم السابقين، فهناك عشرات المدونات العربية التي تستخدم اللغتين الإنجليزية والفرنسية على شاشة الانترنت) وقد شبهت حركة التدوين العربية اليوم بتلك التي كان يعيشها الشباب الأوروبي في شرق أوروبا قبل عام 1989 م إبان الحكم الشيوعي، وتحديدا قبيل سقوط وانهيار الاتحاد السوفيتي، رغم عدم وجود الانترنت في ذلك الوقت.شهادة أخرى في هذا المجال أشارت إليها صحيفة ذي ناشيونال الإماراتية في سبتمبر 2..9 في عرضها لدراسة أنجزها مركز بيركمان للإنترنت والمجتمع التابع لجامعة هارفارد الأمريكية حول خريطة التدوين العربي ( الدراسة منشورة على موقع ميدل ايست اون لاين، وهدفت الدراسة إلى التعرف على الموضوعات التي تتعامل معها المدونات العربية في منطقة الشرق الأوسط، ومدى علاقتها بقضايا المنطقة السياسية والدينية والثقافية والإعلامية والشؤون الدولية.الأمر الآخر الذي نود الإشارة إليه عربيا في هذا الشأن، هو التطور المتزايد من الناحية التنظيمية المؤسساتية في حركة تطور المدونات العربية، و- بمعنى آخر – ظهور الاتحادات والجمعيات والمؤسسات والنقابات والأسر الرقمية في العالم العربي التي تحتضن أولئك المدونين، وتقوم على رعايتهم وتوجيههم وحمايتهم القانونية والفكرية، وتنقسم تلك التجمعات البشرية للمدونين على شبكة الانترنت الى قسمين قسم محلي يتم من خلال تجميع تلك الفئة داخل القطر الواحد كاتحاد المدونين المصريين او الليبيين او المغاربة على سبيل المثال لا الحصر، وآخر عربي يتم من خلاله احتضان تلك المجموعات القطرية في اتحاد عربي عام، ويعتبر اتحاد المدونين العرب الذي تأسس في العام 2006 م، الأكبر والأكثر تنظيما حتى الآن لتلك الشريحة من المثقفين العرب، على أمل ان نجد لاحقا الاتحاد الخليجي للمدونين. ومن ابرز ما تحقق في هذا الشأن على الإطلاق، وكنتيجة مباشرة لتطور حركة التدوين العالمية بوجه عام، والعربية على وجه الخصوص، وغيرها من وسائل الاتصال الرقمي عبر شبكة الانترنت، هو كسر حاجز الرقابة الرسمية الحكومية على وسائل نقل المعلومات وتداولها في شتى المجالات السياسية منها والثقافية والاقتصادية، وزيادة الاتصالات العابرة للقومية والحكومية، ونشوء أكبر للقوى النابذة أو الطاردة للمركزية الإعلامية .مما سهل تدريجيا القدرة على نقل الخبر والمعلومة في جزء من الثانية والى أماكن لم يتخيلها أحد في يوم من الأيام، وتحديدا تلك المعلومات التي طالما رفضت بعض الأنظمة الكشف عنها، وخصوصا في مجالات كالحريات والحقوق المدنية ومن على شاكلتها، وهو ما دفع بعض الأنظمة – وللأسف الشديد – الى إغلاق تلك المدونات وقمع أصحابها، وزج البعض منهم في المعتقلات والسجون، وذلك بهدف تغطية مواطن الفساد والتحايل والمعلومات التي صنفها بعض المتسلطين الحكوميين بالسرية والسرية جدا 14ومن خلال ما سبق ذكره، نستطيع ان نؤكد وبما لا يدع مجالا للشك، بأنه وخلال السنوات القليلة القادمة، ستشكل تلك المدونات تحديدا من جهة موردا خصبا لمرتادي الانترنت وعالم الشبكة العنكبوتية، بحيث ستتقلص كثيرا المساحة السسيولوجية بين المجتمعات والشعوب في شتى بقاع العالم، وسيتمكن الكثيرون من الحصول على المعرفة والمعلومة خلال وقت قصير، كما أنها ومن جهة أخرى، ستشكل التحدي الأكبر لبعض الأنظمة القمعية، التي ترفض انسلال السيطرة من بين يديها، أو ترفض التنازل عن لعب دور المركزية في شؤون إدارة سياساتها الداخلية والخارجية، وبالتالي فانه بات على تلك الحكومات (أن تتخلى عن بعض الحواجز المانعة لتدفق المعلومات التي – كانت تاريخيا – تحمي المسئولين من النظرة الخارجية المتفحصة) وهكذا
أ. محمد سعيد الفطيسي

الأحد، 18 أكتوبر 2009

طرق وسايكولوجية التعلم

سيكولوجية التعلم

التعلم من المفاهيم الأساسية في مجال علم النفس، ولكن ليس من السهل وضع تعريفا محددا له، لان لا يمكننا ملاحظة عملية التعلم ذاتها بشكل مباشر، و لا يمكن اعتبارها وحدة منفصلة بذاتها ،فالتعلم عمليات افتراضية يستدل عليها من ملاحظة السلوك.
مفهوم التعلم
التعلم عملية تغيير ،شبه دائم في سلوك الفرد. ولا يمكن ملاحظته مباشرة، ولكن يستدل عليه من أداء الفرد ، وينشأ نتيجة الممارسة .و قد يتفق علماء النفس في الغالب ، على أن التغيرات السلوكية الثابتة نسبيا تندرج تحت التغيرات المتعلمة، وهذا يعني أن التغيرات المؤقتة في السلوك لا يمكن اعتبارها دليلا على حدوث التعلم.
ويشير هذا التعريف الى أن التعلم تغيير في الحصيلة السلوكية أكثر ما هو تغيير في السلوك. و قد اكتشف علماء النفس أن السلوك لا يعتبر مؤشرا للتعلم، وان غياب السلوك ليس دليلا على عدم التعلم. و يرى (ويتيج 1980) ضرورة استبعاد التغيرات الناتجة عن الخبرة والعمليات الطويلة المدى كالتي تحدث نتيجة النمو الجسمي أو التقدم في السن أو التعب أو المرض .
بينما ترى النظرية التربوية التعلم بمعنى التفكير الذي يتطلب استعمال معرفة سابقة و استراتيجيات خاصة لفهم الأفكار في نص ما ، وفهم عناصر المسألة باعتبارها وحدة واحدة. فالمدارس اذن استنادا الى هذا الافتراض تحدث أثر في التعلم . فمثلا عملية التحصيل لدى المتعلمين يمكن تعديله من خلال توفير خبرات تدريسية ملائمة لهم ، وتعليمهم كيفية مراقبة أدائهم والسيطرته عليه.
أماالتعلم في قاموس "لاغوس" الفرنسي، تعني الدراسة واكتساب معارف .و بمفهوم السلوكيين يأخذ التعلم صفة ارتباط المثير بالاستجابة نتيجة للتعزيز الايجابي ، و تغيير في البنيات العقلية بمفهوم المعرفيين. ويعتبر علم البيلوجيا التعلم هي الكيفية التي تتطور بها شبكة الأعصاب في الدماغ .و يرى (جونز 1988) أن هناك ستة فرضيات عن التعلم هي.
التعلم الموجه بالهدف يعني أن المتعلم لابد ان يضع امامه على الاقل هدفين يتمثلان في فهم معنى المهمة التي بين يديه لضبط تعلمه، هذا بالاضافة الى الاهداف الخاصة الاخرى.
ويعتقد الباحثون في مجال التربية أن المعلومات المخزنة في الذاكرة عل شكل بنى معرفية تسمى مخططات، ويمثل المخطط الواحد جملة ما يعرفه المتعلم عن الموضوع ،وهي شديدة الترابط و ذات صفات حيوية، تتيح للمتعلم أن يقوم بأنواع مختلفة من النشاط المعرفي الذي يتطلب الكثير من التفكير والتخطيط مثل الاستدلال والتقييم.و تنظيم المعرفة هوعبارة عن تركيب الأفكار و المعلومات في بنى منظمة وموحدة.
أما ما وراء المعرفة فالمتعلم يعي و يدرك المهارات و الاستراتجيات الخاصة التي يستعملها في التعلم ويسمى هذا النشاط بالإدراك فوق المعرفي للتعلم.
ولذا فالتعلم لا يحدث مرة واحدة وإنما يحدث على شكل دفعات و لمراحل متلاحقة، تبدأ بمرحلة التحضير وهي تنشيط للمعرفة السابقة، ثم مرحلة المعالجة المباشرة التي تقوم بتقييم المعرفة الجديدة ودمجها وبرمجتها وفق المعرفة السابقة. وأخيرا مرحلة التعزيز والتوسع و هي عملية الإدراك الكلي للمعنى و إدماجه اي برمجته في المخزون المعرفي السابق معتمدة على الربط والتنسيق والاتقان.
إن التعلم يتأثر بالعوامل النمائية للمتعلم مما يؤدي إلى فوارق متباينة البنى المعرفية بين المتعلمين .و يشير( جونزو آخرون،1988 ) أن الطلبة المتخلفين في التحصيل يحتاجون إلى فرص متنوعة للتدريب على المهارات و تطبيقها في ظروف مختلفة، على أن يكون ذلك مصحوبا بتغذية راجعة تصحيحية و بتعليم مثير لاستراتجيات ما وراء المعرفة.
مراحل التعلم في معالجة المعرفة
يقسم هورتن وتيرنج ( 1976) مراحل التعلم إلى ثلاث وهيِ:
مرحلة ماقبل السلوكية
وقد بدأت هذه المرحلة بفلسفة جون لوك الذي يقال انه وضع الأساس لنظرية تداعي الخبرة . ويرى جون لوك أن العقل البشري يولد صفحة بيضاء تخط الخبرة عليها فيما بعد.
وقد ارتبط مفهوم التعلم بكون العقل البشري يتميز بعمليات فطرية خاصة مستقلة عن الخبرة. ويرى العالم الألماني "ولهم فونت" الذي تنسب إليه المدرسة التركيبية في علم النفس أن المتعلم يلاحظ عملياته العقلية أي يقوم بالاستبطان الذاتي. أما أعمال هرمان ايبنجهاوس في مجال الذاكرة لعبت دورا كبيرا في التطور اللاحق لتجارب ثورندايك وكلارك هل وايدوين جاثري . ولكن ايبنجاوس قدم نظرة منهجية لدراسة التعلم البشري في وقت كان فيه علم النفس التجريبي في بدايه.
المرحلة السلوكية
تميزت بنظرية الارتباطين التي تبنها جون واطسون، وقد جاءت نتيجة لتأثير أعمال العالم الروسي أيفين بافلوف في نظريته الشهيرة في الاشتراط الكلاسيكية، ونظرية ادوارد ثورندايك صاحب التعلم بالمحاولة والخطأ و الاشتراط الإجرائي لبور يس سكينر وغيرهم ممن كان لهم بصمات في عملية التعلم.
المرحلة المعاصرة
في هذه المرحلة اتجه علماء النفس إلى التفكير في وضع تخطيط للقدرات المعرفية و الوجدانية للكائن الحي في عماليات التعلم حيث ازداد الاهتمام بالدافعية والارتباط والتعزيز .
مراحل التعلم:
التعلم يحدث خلال ثلاثة مراحل أساسية :
مرحلة الاكتساب: هي مرحلة ادخال المعلومة إلى الذاكرة.
مرحلة الاختزان:حفظ المعلومة في الذاكرة.
مرحلة الاسترجاع: وهي القدرة على استخراج المعلومات المخزنة عند الحاجة.
يعتبر فهم المعنى السيكولوجي للتعلم، هو معرفة ما لا يقدر تعلمه.
فالتعلم ليس ما يحدث في غرفة الصف . و إنما التعلم يحدث بشكل مستمر في حياتنا اليومية ولا يتعلق الأمر بكل ما هو صحيح فقط، فالخطأ يعد تعلما أيضا، ولا يقتصر التعلم على المعرفة والمهارات و إنما يتضمن تعلم الاتجاهات والعواطف (هل1985). إذا التعلم هو تغيير دائم في سلوك المتعلم وقد يكون مقصودا أو غير مقصودا و يتخلله المرور بالخبرة والتفاعل البيئي أما التغيرات الناتجة عن النضج لا تعتبر تعلما، والتغيرات الطارئة المؤقتة الناجمة عن التعب والجوع تستثنى أيضا من التعلم(ولفولك1987،ص.165).
أنواع التعلم:
يؤكد علماء النفس وجود أنماط مختلفة للتعلم وهي التعلم البسيط الذي يتميز بالاعتياد حيث يتوقف المتعلم عن الانتباه للمثيرات البيئية الثابتة كالساعة التي تدق في إحدى الغرف. و الاشتراط يشير إلى اكتساب سلوكيات بوجود مثيرات بيئية محددة و نميز نوعين من الاشتراط وهما الاشتراط الكلاسيكي و الاشتراط الإجرائي والى جانب ذلك هناك التعلم المعرفي ،حيث يقوم المتعلم بالتفكير بشكل مختلف حول العلاقات بين السلوك والحوادث البيئية(بيترسون ،1991،) .
نتاج التعلم هي
تكوين العادات:
يطلق لفظ العادة على أي نوع من السلوك المكتسب و هو أي سلوك يقوم به الفرد بصفة سهلة وآلية نتيجة التكرار. ويمكننا القول أن العادة هي استعداد يكتسب بالتعلم و لا يحتاج إلى الجهد والتفكير و التركيز والانتباه.
تكوين المهارات: -
تكتسب على مستوى الحركي والتوافق الحركي العقلي، حيث يلعب التكرار دورا كبيرا في تكوينها،و تؤثر التدريبات المستمرة في التوصيلات العصبية حيث تيسر حدوث العمليات المتتالية في المهارة بسرعة ودقة من غير تركيز للانتباه. و معظم المهارات تبنى على استعداد وموهبة وقدرة خاصة بالاضافة إلى الميول التي تلعب دورا في تكوين المهارات العلمية.
تعلم المعلومات والمعاني:
يتزود الفرد بالمعلومات والمعاني من البيئة التي يتفاعل معها في محيطه الطبيعي والأسري والمدرسي والاجتماعي والثقافي الحضاري.
تعلم مواجهة المواقف و حل المشكلات:
يعتمد أسلوب حل المشكلات على فهم الموقف وتحليله ابتداء من الشعور بالمشكلة والعمل على حلها ثم جمع المعلومات عن موضوع المشكلة ووضع الفروض الملائمة لها و التحقق من الفروض بالتجربة والممارسة للنشاط و أخيرا الوصول إلى النتائج أو القوانين أو القواعد اعتمادا على التحليل بالمقارنة وتنمية التفكير الاستدلالي و الاستقرائي.
كيف تتكوين الاتجاهات النفسية:الاتجاه النفسي هو استعداد أو تهيؤ عقلي يتكون نتيجة عوامل مختلفة مؤثرة في حياته تجعله يؤخذ موقفا نحو بعض الأفكار بحسب قيمتها الاخلاقية أو الاجتماعية.والواقع أن شخصية الفرد ،تتكون من مجموعة الاتجاهات النفسية التي تتكون نتيجة التنشئة والتربية والتعلم، فتؤثر في عاداته وميوله وعواطفه وأساليب سلوكه، ويتصف تعلم الاتجاهات بالتخزين طويل المدى، بينما يتعرض تعلم المعلومات إلى الإتلاف الناتج عن عوامل النسيان.
نظريات التعلم
النظريات السلوكية
النظرية الارتباطية لثورندايك أ و التعلم بالمحاولة والخطأ
ولد ثورندايك في ويلميز بيرج بولاية ماساشوستسفي 31 /8/1874 ، وبدأ تأثير أبحاثه على موضوع التعلم في الظهور منذ مطلع القرن العشرين .و ظهرت أبحاث ثورندايك في نظرية التعلم في عام 1913-1914 عندما نشر كتابه "علم النفس التربوي"الذي يتألف من ثلاث أجزاء وحدد فيه قانون التدريب وقانون الأثر وهي المبادئ التي وضعها في ضوء أبحاثه التجريبية والإحصائية. أما طريقته في البحث فكانت تقوم على المشاهدة وحل المشكلات وذلك على النحو التالي:
1- وضع العضوية في موقف حل المشكلة.
2- ترتيب توجهات الإنسان أو الحيوان.
3- اختيار الاستجابة الصحيحة من بين عدة خيارات.
4- مراقبة سلوك الإنسان أو الحيوان.
5- تسجيل هذا السلوك في صورة كمية.
وقد كان ثورندايك من أوائل علماء النفس الذين حاولوا تفسير التعلم بحدوث ارتباطات بين المثيرات والاستجابات، ويرى أن أكثر التعلم تميزا عند الإنسان والحيوان على حد السواء هو التعلم بالمحاولة والخطأ،فالتعلم عند ثورندايك هو تغير آلي في السلوك يتجه تدريجيا إلى الابتعاد عن المحاولات الخاطئة أي نسبة التكرار أعلى للمحاولات الناجحة التي تؤدي إلى إزالة حالة التوتر والوصول إلى حالة الإشباع. فعلم النفس عند ثورندايك هو دراسة السلوك دراسة علمية والتعلم هو تغير في السلوك.
وقد عرفت نظرية ثورندايك، التي ظلت مسيطرة لعدة عقود من القرن الماضي على الممارسات التربوية في الولايات الأمريكية المتحدة باسم الترابطية، لأنه اعتقد أن التعلم عملية تشكيل ارتباطات بين المثيرات واستجاباتها. وقد طور ثورندايك، نظريته من خلال أبحاث طويلة، التي قام بها على أثر المكافأة في سلوك الحيوانات المختلفة .
وإحدى ابرز تجاربه كانت على القطة التي توضع في قفص له باب يمكن فتحه إذا سحبت القطة الخيط المدلى داخل القفص. وكانت مهمة القطة الخروج من القفص للحصول على الطعام (المكافأة) الموجود خارج القفص. وقد كرر ثورندايك هذه التجربة عدة مرات ،فوجد أن الوقت الذي تستغرقه القطة يتناقص تدريجيا إلا أن أصبحت تسحب الخيط فور دخولها القفص .وفسر ثورندايك عملية التعلم كالتالي:
بعد تمكن القطة من فتح الباب كوفئت بطبق سمك فقويت الرابطة بين المثير والاستجابة وأهم مبادئ التعلم التي توصل إليها هي قانون الأثر.
لم يكتفي ثورندايك بوصف التعلم ،بل حاول تفسيره بارتباطات مباشرة بين المثيرات و الاستجابات، تتحكم في قوتها أو ضعفها قوانين رئيسية وأخرى ثانوية، بل هي قوانين تفسيرية. و تسمى هذه الروابط بقوانين التعلم .
القوانين الرئيسية
1- قانون الأثر: عندما تكون الرابطة بين المثير والاستجابة مصحوبة بحالة ارتياح فإنها تقوى، أما إذا كانت مصحوبة بحالة ضيق أو انزعاج فإنها تضعف. ويرى ثورندايك العمل الرئيسي في تفسير عملية التعلم هو المكافأة، ويعتقد أن العقاب لا يضعف الروابط
2- قانون التدريب (التكرار):
إن تكرار الرابطة بين المثير والاستجابة يؤدي إلى تثبيت الرابطة وتقويتها وبالتالي يصبح التعلم أكثر رسوخا. يرى ثورندايك أن لهذا القانون شقين هما:
أ- قانون الاستعمال: الذي يشير أن الارتباطات تقوى بفعل التكرار والممارسة
ب- قانون الإهمال: الرابطة تضعف بفعل الترك وعدم الممارسة.
3- قانون الاستعداد: يصف الأسس الفسيولوجية لقانون الأثر ، فهو يحدد ميل المتعلم إلى الشعور بالرضي أو الضيق ويصوغ ثورندايك ثلاث حالات لتفسير الاستعداد و هي:
1- تكون الوحدة العصبية مستعدة للعمل، وتعمل، فعملها يريح الكائن الحي.
2- تكون الوحدة العصبية مستعدة ولا تعمل، فان عدم عملها يزعج الكائن الحي.
3- تكون الوحدة العصبية مستعدة للعمل، وتجبر للعمل فان عملها يزعج الكائن الحي.و هناك قوانين ثانوية منها:
1-قانون الانتماء:
في هذا القانون، الرابطة تقوى بين المثير والاستجابة الصحيحة كلما كانت الاستجابة أكثر انتماء إلى الموقف، لهذا تجد الفرد يميل إلى رد التحية بانحناء الرأس أكثر ما يكون ميله إلى الاستجابة بالكلام. ولهذا تكون إثابة العطشان بالماء أقوى من إثابته بالنقود. ويعتبر قانون الانتماء من أهم القوانين التي أضافها ثورندايك لنموذجه و هذا القانون يجعل نموذجه أقرب إلى النموذج المعرفي .
2- قانون الاستقطاب:
تسير الارتباطات في الاتجاه الذي كانت قد تكونت فيه بطريقة أيسر من سيرها في الاتجاه المعاكس، فإذا تعلم الفرد قائمة مفردات عربية انجليزية فان الاستجابة للكلمة العربية بما يقابلها بالانجليزية يكون أكثر سهولة من الاستجابة العكسية.
3- قانون انتشار الأثر:
وضع ثورندايك هذا القانون بعد عام 1933، حيث يرى أن أثر الإثابة لا يقتصر على الربط فقط، وإنما يمتد إلى الروابط المجاورة التي تتكون قبل إثابة الرابطة وبعد إثابتها. وعلى سبيل المثال فإذا عزز المعلم أثناء التعليم كلمة في ما بين الكلمات ، فان التعزيز ينتقل إلى الكلمة السابقة واللاحقة في السلسلة أي أن الثواب يؤثر أيضا في الارتباطات المجاورة له. وهكذا يرى أن الثواب يقوي حتى الارتباطات غير الصحيحة المجاورة للارتباط المثاب.
4- قانون التعرف:
يسهل على المتعلم ربط وضع مثيري معين باستجابة معينة إذا تمكن المتعلم من التعرف على الوضع وتميزه نتيجة مروره بخبراته السابقة. ويرى ثورندايك انه إذا كانت عناصر الموقف الجديد معروفة ، فان ذلك يسهل التكيف للموقف أكثر مما لو كانت العناصر غير معروفة، فمثلا يسهل على المتعلم حل مسألة حسابية إذا تعرف المتعلم على الأرقام والرموز المستعملة فيها.
5 -قانون الاستجابة المماثلة
يكون تصرف المتعلم إزاء وضع جديد مشابها لتصرفه مع الوضع القديم وهذا يعني انه استفاد من خبراته السابقة.
6- قانون قوة العناصر وسيادتها:
تتجه استجابة المتعلم للعناصر السائدة في الموقف أكثر مما تتوجه إلى العناصر الطارئة غير السائدة .
خصائص التعلم بالمحاولة والخطأ:
- يستخدم عند الأطفال الصغار الذين لم تنم عندهم القدرة على التفكير الاستدلالي و الاستقرائي وقد يستعمله الكبار في حالات الانفعال.
- يستعمل التعلم بالمحاولة والخطأ لانعدام عمل الخبرة والمهارة في حل المشكلات المعقدة.
- يمكن لهذا التعلم أن يكون أساس اكتساب بعض العادات و المهارات الحركية وتكوينها مثل السباحة و ركوب الدراجة.
التطبيقات التربوية لنظرية ثورندايك :
ثورندايك أول من شغل منصب أستاذية علم النفس التربوي في تاريخ علم النفس، وقد اهتم ثورندايك بثلاث مسائل أساسية، تؤثر في استفادة المعلم منها في عمله داخل الصف، وهذه الأمور هي:
- تحديد الروابط بين المثيرات و الاستجابات التي تتطلب التكوين أو التقوية أو الإضعاف.
- تحديد الظروف التي تؤدي إلى الرضي أو الضيق عند التلاميذ .
- استخدام الرضا أو الضيق للتحكم في سلوك التلاميذ.
- يرى ثورندايك على المعلم والمتعلم تحديد خصائص الأداء الجيد حتى يمكن تحديد تشخيص الأخطاء، كي لا تتكرر ويصعب تعديلها فيما بعد،لأن الممارسة تقوي الروابط الخاطئة كما تقوي الروابط الصحيحة.
و يرى ثورندايك أن قانون الأثر الأهم في عملية التعلم ،بحيث كان ناقدا للكثير من الممارسات التربوية السائدة ، خاصة العقاب، وطالب بان تكون غرف الصف مصدر سعادة وتهيئة للبواعث المدرسية ،كما حدد الدور الايجابي للمتعلم المنبعث من موقف التعلم حيث أن حاجاته ورغباته هي التي تحدد استجاباته.
- مهمة المعلم، هي استثارة رغبة التلميذ في الاستجابة والاندفاع في المحاولة والخطأ وذلك بالالتزام بالنصائح التالية:
- أن يؤخذ في عين الاعتبار الموقف التعليمي الذي يوجد فيه التلميذ.
- أن يعطي التلميذ فرصة بذل الجهد في التعلم وذلك بالمحاولة.
- تجنب تكوين الروابط الضعيفة وتقوية الارتباط بين الاستجابة والموقف.
- ربط مواقف التعلم بمواقف مشابهة لحياة التلميذ اليومية.
- التركيز على الأداء والممارسة وليس على الإلقاء.
- الاهتمام بالتدرج في عملية التعلم من السهل إلى الصعب من الوحدات البسيطة إلى الوحدات المعقدة.
- عدم إغفال أثر الجزاء لتحقيق السرعة في التعلم و الفاعلية والمحافظة عل الدافعية.
يرى ادوارد تولمان في أهمية نظرية المحاولة والخطأ"إن علم النفس التعلم ، كان ومازال في الأساس مسألة اتفاق مع ما جاء به ثورندايك أو اختلاف ومحاولة إدخال التحسين عليه في أجزاء ثانوية ، ولكن العالم الذي بذل جهدا كبيرا لتطوير الأفكار التي قدمها ثورندايك والاستفادة منها في مجال التطبيق العملي هو العالم الأميركي الشهير سكينر" .
نظرية الاشتراط الإجرائي(سكينر)
ولد بورس فريدريك سكينر عام 1904 في بلدة ساسك ويهانا في الشمال الشرقي من ولاية بنسلفانيا . وقد كان والده "وليام آثر سكينر " محاميا ذا طموحات سياسية، يعمل لدى إحدى شركات السكك الحديدية.أما والدته "جرس مادي سكينر" فهي امرأة ذكية وجميلة وتتبنى فلسفة ثابتة في الحياة لا تحيد عنها. لم يستخدم والد سكينر العقاب البدني في تنشئته، غير أنهما لم يترددا في استخدام أساليب أخرى لتعلميه الأنماط السلوكية الجيدة.
ويبدو أن حياة سكينر المبكرة كانت تزخر بالشعور بالأمن والاستقرار. ويشير سكينر إن حياته المدرسية كانت ممتعة محاطا دوما بالكتب التي شغف والده بقراءتها . والتحق سكينر بكلية هاملتون، حيث تخصص في الأدب الإنجليزي، ودرس مواد شملت اللغات الرومانسية، وأسلوب الخطاب ، وعلم الأحياء والأجنة والتشريح والرياضيات. وبعد أن فشلت محاولات سكينر في أن يصبح كاتبا ، فاهتم بميدان علم النفس وذلك بجامعة هارفارد في خريف1928.
أثناء إقامته بالجامعة لمدة 5سنوات تحصل على منحة التجريب على الحيوان وتأثر منهجه في لبحث بمنهج بافلوف. وكان شعاره"تحكم في البيئة تتحكم في السلوك". و في عام 936 1، حصل سكينر على وظيفة مدرس في جامعة مينيسوتا وظل فيها حتى عام1945، وظهر أول عمل ضخم له (سلوك الكائنات)عام 1938، وكان وصفا مفصلا لبحوثه حول الفئران، وفي صيف عام 1945 كتب روايته الشهيرة (والدان تو)، ولكنهما لم تنشر إلا عام 1948.وتولى منصب رئيس قسم علم النفس في جامعة أنديانا، ورغم كثرة المسؤوليات الإدارية إلا أنه واصل الأبحاث على الحمام وفي عام 1947، أصبح عضوا في قسم علم النفس بجامعة هارفارد.
ينتمي سكينر إلى مدرسة ثورندايك فهو ارتباطي مثله يهتم بالتعزيز كعامل أساسي في عملية التعلم. و سكينر احد علماء النفس الذين اهتموا بدراسة الأمراض السلوكية من خلال دراسة السلوك نفسه.
أنواع السلوك عند سكينر
يميز سكينر بين نوعين من السلوك وهما:
- السلوك الاستجابة: و يمثل لاستجابات ذات طابع انعكاسي فطري مثل إغماض العينين عند التعرض لمنبه قوي.
- السلوك الإجرائي يتم هذا السلوك من الإجراءات المنبعثة من العضوية على نحو تلقائي دون أن تكون مقيدة بمثيرات معينة ، وتقاس قوة الاشتراط الإجرائي بمعدل الاستجابة بعدد تكرارها وليس بقوة المثير. يعرف السلوك الإجرائي بأثره على البيئة، مثال على ذلك قيادة السيارة ركوب الدراجة المشي على الأقدام بهدف الوصول إلى المكان ما.
ويميز سكينر ثلاثة أنواع من المثيرات التي تتحكم في السلوك الإجرائي وهي:
- المثير المعزز و يقصد به كل أنواع المثيرات الايجابية التي تصاحب السلوك الإجرائي كالمعززات اللفظية والمادية والاجتماعية والرمزية.
- المثير العقابي ويقصد به كل أنواع العقاب، مثل العقاب اللفظي والاجتماعي أو الجسدي، التي تلي حدوث السلوك الإجرائي، وتعمل على إضعافه.
- المثير الحيادي ويقصد به المثيرات التي تؤدي إلى إضعاف السلوك الإجرائي أو تقويته.
تجارب سكينر:
استخدم سكينر صندوقا أطلق عليه اسمه وهو عبارة عن صندوقا بداخله رافعة يمكن الضغط عليه ويوجد أيضا بداخل الصندوق وعاء للطعام ، حيث وضع فيه سكينر فأرا جائعا ، مما جعل الفأر يقوم بسلوك استكشافي وكان الضغط على الرافعة أحدى الاستجابات. وكان سكينر يعزز هذا السلوك بتقديم الطعام له. إن تزويد الفأر بالطعام يسمى بالتعزيز العرضي، لأن استجابة الضغط على الرافعة صدرت بالمصادفة، وليس كوسيلة للحصول على الطعام، وهي الاستجابة التي تميز التعلم الإجرائي.وقد توصل سكينر إلى الاشتراط الإجرائي عن طريق التعزيز.
جدول التعزيز عند سكينر
عندما يتعلم الفرد سلوك جديدا يتم تعزيزه مباشرة ويسمى هذا الإجراء بالتعزيز المستمر. أما إذا وصل المتعلم إلى مرحلة الإتقان، يستحسن تقديم التعزيز من فترة لأخرى ويسمى هذا الإجراء بالتعزيز المتقطع. وهناك أربع أنماط أساسية للتعزيز المتقطع اثنان منه يعتمد على مقدار الوقت الذي يمر بين المعززات وتسمي جداول التعزيز الزمني، أما النوعان الآخران فيعتمدان على عدد الاستجابات المقدمة بين المعززات و تسمى بجداول النسبة ويتخذ التعزيز سواء كان نسبيا أو زمنيا، شكل ثابت أو متغير من الاستجابات، وقد يفصل بين كل استجابتين معززتين، في تعزيز نسبي، عدد ثابت أو متغير من الاستجابات. و قد تفصل بين كل تعزيزين في التعزيز الزمني، فترة زمنية ثابتة أو متغيرة بغض النظر عن عدد الاستجابات المنبعثة خلال هذه الفترة.
تصنيف المعززات
- المعززات الأولية والمعززات الثانوية:
المعززات الأولية تتمثل في المثيرات التي تؤدي إلى تقوية السلوك دون خبرة سابقة ودون تعلم وتسمى أيضا بالمعززات غير الشرطية أو المعززات الطبيعية غير المتعلمة و منها الطعام والشراب والدفء. أما المعززات الثانوية فهي التي تكسب خاصية التعزيز من خلال اقترانها بالمعززات الأولية، والتي تسمى بالمعززات الشرطية أو المتعلمة.
- المعززات الطبيعية والمعززات الصناعية:
- ا لمعززات الطبيعية:
هي التوابع ذات العلاقة المنطقية بالسلوك ومن الأمثلة على ذلك ابتسامة المعلم للطالب، أما إعطاء المعلم نقاطا للطالب يمكن استبدلها فيما بعد بأشياء يحبها الطالب كالعلامات فهذا يعتبر تعزيزا اصطناعيا.
- التعزيز الموجب و التعزيز السالب:
التعزيز الموجب هو إضافة مثير معين بعد السلوك مباشرة، مما يؤدي إلى احتمال حدوث نفس السلوك في المواقف المماثلة ومنها المديح وتكريم الفائزين وزيادة الراتب وتقبيل الوالد لطفله أما التعزيز السالب فهو التخفيف من العقوبة المفروضة على الفرد نتيجة للقيام بسلوك مرغوب فيه، إلغاء إنذار وجه للطالب لتقصيره في الدروس ، نتيجة لسلوك لاجتهاد الذي أظهره فيما بعد. وتعتبر المعززات السالبة مثيرات تزيد من احتمال ظهور الاستجابة بعد زوالها.
العقاب عند سكينر:
يعتقد سكينر أن العقاب يمكن أن يكون عاملا مهما في تعديل السلوك. يؤكد أن هناك نوعين من العقاب الموجب والسالب، و يعمل ا لعقاب الموجب على تقديم مثير غير محبب أو مؤلم إلى الموقف يعمل على إزالة أداء الاستجابة غير المرغوب فيها. ويشير العقاب السالب إلى حذف مثير محبب من الموقف أو إزالته للعمل على التوقف عن أداء الاستجابة غير المرغوب فيها. مثال: منع الطفل من الحصول على الحلوى في حالة الاستمرار في سلوك غير المرغوب فيه. نزع اللعبة عند عدم استجابة الطفل لمطالب الوالد.
تشكيل السلوك
تتم إجراءات تشكيل السلوك على عملية تحديد الهدف السلوكي المرغوب فيه، وتجزئته إلى سلسلة من الخطوات المتتابعة التي تقترب تدريجيا من بلوغ الهدف. ويتم تعزيز كل خطوة على حدة بالترتيب المؤدي إلى تحقيق الهدف المنشود. ولا يحدث الانتقال إلى خطوة تالية إلا إذا أتقنت العضوية أداء الخطوة السابقة لها، ويستمر هذا النوع من التقريب المتتالي إلى أن يتمكن من تحقيق السلوك المطلوب. والسلوك الإجرائي هو سلوك معزز، يعتبر والخطوة الأولى في التشجيع ظهور السلوك المحدد، وهو انتظار السلوك المرغوب فيه، ثم إتباعه بتعزيز.
تعديل السلوك:
يتم تعديل السلوك وفق المبادئ التالية:
- ا لسلوك تحكمه نتائجه.
- التركيز على السلوك القابل للملاحظة المباشرة.
- التعامل مع السلوك على أنه هو المشكلة وليس كمجرد عرض لها
- السلوك غير المقبول تحكمه القوانين نفسها التي تحكم السلوك المقبول
- السلوك الإنساني ليس عشوائيا بل يخضع لقوانين تعديل السلوك و منهجية تجريبية، يمكن أن تأخذ الأشكال التالية:
- زيادة احتمال ظهور سلوك مرغوب فيه
- تقليل احتمالات ظهور سلوك غير مرغوب فيه
- إظهار نمط سلوكي ما، في المكان والزمان المناسبين
- تشكيل سلوك جديد .
التعليم المبرمج:
يعتبر سكينر أول مبتكر للتعليم المبرمج. ففي عام1954،حيث شهدت الولايات المتحدة الأمريكية نقصا في عدد المعلمين، اقترح سكينر التعلم المبرمج بناء على ما توصل إليه من نتائج الاشتراط الإجرائي ويعتبر التعليم المبرمج أسلوب التعليم الذاتي ، إذ يعطي المتعلم فرص تعليم نفسه، حيث يقوم البرنامج بدور الموجه نحو تحقيق أهداف معينة.
إن مفهوم التعليم المبرمج من أكثر التطبيقات التربوية أهمية لمبادئ الاشتراط الإجرائي والذي يقوم على الاستفادة من مبادئ التعلم الإجرائي ومن مزايا التعليم المبرمج ما يلي:
- يسهم في حل بعض المشكلات التربوية مثل تزايد عدد التلاميذ و مشكلة الفروق الفردية، ونقص عدد المعلمين.
- يركز على المتعلم باعتباره محور العملية التربوية مع تنبيه الدافعية.
- يضمن تغذية راجعة فورية.
- التعزيز المستمر لمهودات المتعلم.
- ليس هناك وجود لمثيرات منفرة التي قد يحدثها بعض المعلمين.
التطبيقات التربوية لنظرية سكينر
شجع سكينرالمعلمين في التعليم اعتماد ما يلي :
1- استخدام التعزيز الايجابي بقدر الإمكان.
2 - ضبط المثيرات المنفرة في غرفة الصف وتقليلها، حتى لا يزداد استخدام أسلوب العقاب أو التعزيز السالب.
3 - ضرورة تقديم التغذية الراجعة، سواء كانت في صورة تعزيز موجب أو سالب أو عقاب فور صدور سلوك المتعلم.
4- الحرص على تسلسل الخطوات للاستجابات التي يجريها المتعلم وتتابعها، وتقديم التغذية الراجعة في كل ما يتعلمه التلميذ .
وقد استفاد من مبادئ الاشتراط الإجرائي العلاج النفسي السلوكي في تقويم المشكلات السلوكية غير السوية أو بعض العادات غير المرغوب فيها ، كما أضاف سكينر تحذيرات للمعلمين خاصة بالممارسة الصفية و التي قد تقترن بسلوكياتهم أو بالمادة الدراسية منها:
- السخرية من استجابات المتعلم وتقديم التعليقات المؤلمة لذاتهم.
- استخدام الأساليب العقابية المختلفة.
- الوظائف البيتية الاظافية الكثيرة والصعبة
- إرهاق نفسية الطلبة بالأعمال الإجبارية
- إلزام المتعلم بنشاط لا يرغب فيه
- إلزام المتعلم بالجلوس بصمت طول مدة الدرس .
النظريات المعرفية
نظرية الجشتالط في التعلم

يعتبر ماكس فرتيمر (1880-1943) مؤسس النظرية الجشتالطية وانظم إليه ولفنج كوهلر (1887-1967). وكيرت كوفكا (1886-1941) وقد نشرا أبحاث النظرية أكثر من فرتيمر ثم ارتبط بهم كيرت ليفن (1891-1947) وأسس نظرية المجال .
ولدت النظرية في ألمانيا وقدمت إلى الولايات المتحدة في العشرينات على يد كوفكا وكوهلر وفي 1925 ظهرت النسخة الانجليزية للتقرير الذي يضم تجربة كوهلر المشهورة عن حل المشكلات عند الشمبانزي ، وأول المنشورات كان مقال تحت عنوان الإدراك مقدمة للنظرية الجشتالطية.لقد شاعت نظرية ثورندايك وذاع صيتها في الثلث الأول من القرن العشرين، وظهر كتاب كوفكا (نموا لعقل) عام1924، واحتوى على نقد تفصيلي للتعلم بالمحاولة والخطأ وقد أيد بما أجراه كوهلر من تجارب على القردة. و أبرز كوهلر دور الاستبصار في التعلم أعتبره بديلا للتعلم بالمحاولة والخطأ ، وبين كيف أن القردة تستطيع أن تحصل على الثواب دون أن تمر بمحاولات وأخطاء وتثبيت المحاولات الناجحة والتخلص من المحاولات الخاطئة.لقد ظهرت السيكولوجية الجشطلت في ألمانيا في نفس الوقت الذي ظهرت فيه المدرسة السلوكية في أمريكا. إن كلمة الجشطلت معناها صيغة أو شكل، وترجع هذه التسمية إلى دراسة هذه المدرسة المدركات الحسية حيث بينت أن حقيقة الإدراك تكمن في الشكل والبناء العام ، وليس في العناصر والأجزاء. و ثارت هذه المدرسة على نظام علم النفس و خاصة على المدرسة الارتباطية وفكرة الارتباط ، و قالت بأن الخبرة تأتي في صورة مركبة فما الداعي لتحليلها إلي ارتباط . ولا يمكن رد السلوك إلى مثير واستجابة، فالسلوك الكلي هو السلوك الهادف الذي يحققه الفرد بتفاعله مع البيئة .
الأسس التجريبية للنظرية :
عابت مدرسة الجشطلت على ثورندايك، أن الأقفاص التي كان يستخدمها في تجاربه لا تسمح للحيوان بإظهار قدرته على التعلم ، لأن المزاليج والأزرار و غيرها من المفاتح الأقفاص مخبأة و لا يمكن للحيوان معالجتها إلا عن طريق الصدفة ، وهو يلتمس الخروج من مأزقه، في حين أن الاختبار المناسب لقياس القدرة على التعلم يجب أن تكون عناصره واضحة أمام العضوية ، فان كانت له القدرة على الملاحظة وإدراك العلاقات تسنى له حل المشكلات .
وتميزت أبحاث كوهلر بنوعين من التجارب ما بين عامي(1917 1913)وهما تجارب مشكلات الصندوق وتجارب مشكلات العصي.
العوامل المؤثرة على الاستبصار
لقد ميز الجشطلت عوامل مؤثرة على التعلم بواسطة الاستبصار وهي:
1- مستوى النضج الجسمي:
إن النضج الجسمي هو الذي يحدد إمكانية قيام المتعلم بنشاط ما للوصول إلى الهدف.
2- مستوى النضج العقلي:
تختلف مستويات الإدراك باختلاف تطور نمو المعرفي، ما هو أ كثر نموا وخبرة يكون أكثر قدرة على تنظيم وإدراك علاقات مجاله.
3- تنظيم المجال
نقصد بتنظيم المجال هو احتوائه على كل العناصر اللازمة لحل المشكلة مثلا في تجارب القشطلت وجود العصا(الوسيلة) والهدف (الموز) والجوع (الدافع) و افتقار المجال لإحدى العناصر يعرقل تحقق التعلم.
4- الخبرة
ويقصد بها الألفة بعناصر الموقف أو المجال بحيث تدخل في مجال المكتسبات السابقة مما يجعل المتعلم ينظم ويربط أجزاء المجال بعلاقات أكثر سهولة.
المفاهيم الرئيسية في نظرية الجشطلت :
- البنية: (التنظيم) تعني بنية خاصة متأصلة بالكل أو النمط بحيث تميزه عن غيره من الأنماط الأخرى وتجعل منه شيئا منظم ذا معنى أو وظيفة خاصة.
وتحدد البنية وفقا للعلاقات القائمة بين الأجزاء الترابطية للقشطلت (الكل)، وعليه فان البنية تتغير بتغير العلاقات، حتى لو بقيت أجزاء الكل على ما كانت عليه.
- إعادة تنظيم : استبعاد التفاصيل التي تؤدي إلى إعاقة إدراك العلاقات الجوهرية في الموقف.
- المعنى:هو ما يترتب من إجراء العلاقات القائمة بين أجزاء الكل.
- الاستبصار: هو الفهم الكامل للبنية الجشطلت (الكل) من خلال إدراك العلاقات القائمة بين أجزائه وإعادة تنظيمها بحيث يمكن الاستدلال عن المعنى ويتشكل ذلك في لحظة واحدة وليس بصورة متدرجة .
فرضيات نظرية الجشطلت:
1 - التعلم يعتمد على الإدراك الحسي أي أن كل المدركات المخزنة في الذاكرة يتم التعرف عليها وإدخالها إلى الذاكرة بواسطة الحواس.
2- التعلم هو إعادة تنظيم المعارف حيث يعتمد التعلم على فهم العلاقات التي تشكل المشكلة أو الموقف التعليمي وذلك بإعادة تنظميها لدلالة على معناها.
3- التعلم هو التعرف الكامل على العلاقات الداخلية
لا يمكن اعتبار التعلم مجرد ارتباط بين عناصر لم تكن مترابطة و إنما هو الإدراك الكامل للعلاقات الداخلية للشيء المراد تعلمه، وجوهر التعلم هو التعرف على القوانين الداخلية التي تحكم موضوع التعلم.
4-يتعلق التعلم بالحصول على العلاقة بين الاستعمال الصحيح للوسيلة و بين تحقيق الهدف أو النتائج المترتبة عن هذا الاستعمال.
5 - الاستبصار يجنبنا الأخطاء الغبية و إن فهم واستنتاج العلاقات المنطقية بين عناصر المشكلة يؤدي حتما إلى تجنب الخطاء.
6- إن الفهم يؤدي إلى عملية تحويل المعارف من موقف إلى آخر أي تطبيقها في مجال تعلمي مشابه للموقف الأول.
7- التعلم الحقيقي لا ينطفئ (لا يتعرض للنسيان) إن التعلم الذي يتم عن طريق الاستبصار يصبح جزءا من الذاكرة طويلة المدى، بالتالي تكون نسبة تعرضه للنسيان ضعيفة.
8- لا يحتاج التعلم عن طريق الاستبصار إلى مكافأة بل كثيرا ما تكون نتائج التعلم الناجح شعور بالارتياح و الابتهاج الناتج عن القدرة على إدراك المعنى فيمثل هذا النشاط خبرة سارة في حد ذاتها، فهذا الشعور يترك نفس الأثر الذي تتركه المكافأة في التعلم السلوكي . إذا التعلم بالاستبصار هو مكافأة في حد ذاته.
9- التشابه يلعب دورا حاسما في الذاكرة فإذا كانت النظريات السلوكية تعتمد على الاقتران والتكرار والتعزيز في تثبيت التعلم ، فان النظرية القشطلتية تعتمد على قانون التشابه في العلاقات المخزنة في الذاكرة والتي يتم استدعاءها أثناء التعرض لتعلم جديد
قوانين التعلم في نظرية الجشطلت:
إن التعلم هو عملية إدراك أو تعرف على الأحداث باستخدام الحواس، حيث يتم تفسيرها وتمثيلها وتذكرها عند الحاجة إليها. وقد اعتبرت القوانين التي تفسر عملية الإدراك قوانين لتفسير التعلم، ومنها:
1- قانون التنظيم:
يتم إدراك الأشياء إذا تم تنظيمها وترتيبها في أشكال وقوائم، بدلا من بقائها متناثرة.
2- مبدأ الشكل والأرضية: يعتبر هذا القانون أساس عملية الإدراك ، إذ ينقسم المجال الإدراكي إلى الشكل وهو الجزء السائد الموحد المركز للانتباه. و الأرضية والخلفية المتناسقة المنتشر عليها الشكل في البيئة.
3- قانون التشابه: وهي العناصر المتماثلة المتجمعة معا و يحدث ذلك نتيجة التفاعل فيما بينها.
4- قانون التقارب: إن العناصر تميل إلى تكوين مجموعا
5- قانون الانغلاق: تميل المساحات المغلقة إلى تكوين وحدات معرفية بشكل أيسر من المساحات المفتوحة ويسعى المتعلم إلى غلق الأشكال غير المتكاملة للوصول إلى حالة الاستقرار الإدراكي
6- مبدأ التشارك في الاتجاه: (أو الاستمرار)أي نميل إلي إدراك مجموعة الأشياء التي تسير في نفس الاتجاه على أنها استمرار لشيء ما ، في حين يتم إدراك الأشياء التي لا تشترك معها بالاتجاه على أنها خارج نطاق هذا الاستمراروهكذا فان الأشياء التي تشترك في الاتجاه تدرك على أنها تنتمي إلى نفس المجموعة.
7- مبدأ البساطة : يشير هذا المبدأ إلى الطبيعة التبسيطية التي يمتاز بهاو النظام الإدراكي الإنساني. اعتمادا على هذا المبدأ، فإننا نسعى إلى إدراك المجال على أنه كل منظم يشمل على أشكال منتظمة وبسيطة فهو يعكس الميل إلى تكوين ما يسمى بالكل الجيد الذي يمتاز بالانسجام والانتظام والاتساق.
7- الذاكرة و نظرية الأثر: لا يختلف مفهوم الذاكرة عند الجشطلت عن ما هو عند أرسطو حيث يرى أن الانطباع الحسي المدرك يتقاطع مع الأثر الذاكري المخزن، فالنظرية الجشطلتية ترى أن الانطباعات الحسية تخزن في الذاكرة على نحو مماثل، أي بنفس الصيغة و الشكل التي تواجد عليها الأثر الذاكري، ويختزن بنفس الآليات العصبية.
فعملية التذكر أو الاسترجاع هي بمثابة إعادة تنشيط لأثر ذاكري معين، من خلال استخدم نفس النشاط العصبي المستخدم في عماليات الإدراك الأولية لهذا الأثر. ويعود سبب النسيان إلى عاملين هما:
1- صعوبة تنشيط الأثر أثناء عملية التذكر.
2- اضمحلال الأثر بسب التداخل مع الآثار الذاكرية الأخرى.
تؤكد نظرية الجشطلت الطبيعة الدينامكية للذاكرة، حيث ترى أن النظام الإدراكي نشيط وفعال يعمل بصورة دائمة، في تنظيم مكونات الذاكرة، في ضوء المستجدات الناجمة من فعل التفاعلات المستمرة والمتكررة مع الخبرات الحسية البيئية. فالكثير من أثار الذاكرة يتم دمجها مع آثار أخرى أو تتداخل مع غيرها و قد يؤدي ذالك ربما إلى صعوبة في عملية التذكر.
التطبيقات التربوية لنظرية الجشطلت :
يمكن أن نستفيد من فكرة التعلم بالاستبصار في عدة نواحي، نذكر منها ما يلي:
1- تعليم القراءة والكتابة للأطفال الصغار، حيث يفضل إتباع الطريقة الكلية بدلا من الطريقة الجزئية، أي البدء بالكلمات ثم الأصوات والحروف.
2- تستخدم النظرية الكلية في تقديم خطوات عرض موضوع ما لتسهيل فهم الوحدة الكلية للموضوع.
3- تستخدم الطريقة الكلية في التعبير الفني نجد الكل يسبق الجزء ، والإدراك الكلي يؤثر في تكوين الصورة الجمالية للشيء ، فالرسم يعتمد على رسم الهيكل ثم توضيح التفاصيل والأجزاء بالتدريج.
4- يعتمد التفكير في حل المشكلات باستخدام النظرية الكلية عن طريق حصر المجال الكلي للمشكلة ويساعد هذا في فهم العلاقات التي توصل إلى الحل.
تقويم نظرية الجشطلت:
يتفق علماء النفس غير أتباع الجشطلت، أن هذه المدرسة قد أسهمت مساهمة جديرة في فهمنا للإدراك الحسي آلا أنهم يرون أن هذا الإسهام ما هو إلا تحسين لحقائق معروفة ، وليس أساسها كشفا جديدا، فالتميز بين الشكل والأرضية ليس أساسه فكرة مبتكرة، إلا أنه يمكن القول أن علماء الجشطلت قد درسوا العلاقة بين الشكل والأرضية ووضحوا القوانين التي تحكم هذه العلاقة توضيحا تفصيليا.
وعلى العموم فان نظرية الاستبصار كان لها أثر عظيم على التربية ، فلم يعد المعلمون يهتمون كثيرا بالتكرار والتدريب البسيط ، مما أدى بالمعلمين إلى تكثيف جهودهم في الوصول إلى انتقال أثر التعلم إلى المواقف الجديدة المتنوعة. إن مبادئ التربية الجشطلتية لعبت دورا رئيسيا في ا لسياسات التربوية وممارساتها في السنوات الأخيرة. فالرياضيات الحديثة وغيرها من البرامج التعليمة التي طورت ما بين الخمسينات والستينات، والتي تم تطبيقها في الولايات المتحدة كانت في معظمها مبنية على التعلم القائم على الاكتشاف .
نظرية التعلم بالملاحظة(لباندورا) أو نظرية التعلم الاجتماع
تركز هذه النظرية على أهمية التفاعل الاجتماعي و المعاير الاجتماعية و السياق الظروف الاجتماعية في حدوث التعلم، ويعني ذلك أ ن التعلم لا يتم في فراغ بل في محيط اجتماعي.
وقد اثبت للكثير من الناس أن الأنماط السلوكية و الاجتماعية و غيرها يتم اكتسابها من خلال المحاكاة والتعلم بالملاحظة ، وكما قال أرسطو "أن التقليد يزرع في الإنسان منذ الطفولة، وأحد الاختلافات بين الناس و الحيوانات الأخرى يتمثل في أنه أكثر الكائنات الحية محاكاة، ومن خلال المحاكاة يتعلم أول دروسه" .
ويعود الفضل في الاهتمام بموضوع التعلم بواسطة المحاكاة إلى باندورا الذي لخص بحثا قدمه إلى ندوة نبرا سكا يحمل عنوان(التعلم الاجتماعي من خلال المحاكاة) كما اشترك مع ريتشارد ولترز وهو أول طالب يشرف عليه باندورا في دراسة الدكتورة، في نشر كتاب يحمل اسم( التعلم الاجتماعي وتطور الشخصية)، وقد أصبح هذان العاملين سبب البحث حول موضوع المحاكاة خلال العقد التالي.
اهتم باندورا و ولترز بالتميز بين اكتساب استجابات المحاكاة وأدائها ، دون أن يتم تحديد وتحليل الآليات اللازمة للتعليم بالملاحظة (التعلم). ولقد أوضح باندورا أن عمليتي التمثيل الخيالية وللفضية ضروريتان كي يتم التعلم بالملاحظة . كما أكد على أن هذا النوع من التفاعل "التحديد المشترك". ويمكن شرح ذلك بكون العوامل الشخصية والعوامل البيئية غير الاجتماعية تتفاعل فيما بينها، حيث يصبح كل عامل محددا للآخر. ويرى باندورا أن القوة في السلوك التفاعلي، تتميز بالنسبية حيث يمكن أن تتغير تبعا لتغير العوامل البيئية. كما يحدد باندورا السلوك الاجتماعي بكونه يميل دوما إلى التعميم والى الثبات لمدة زمنية غير محدودة، و يمكن أن ندرج المثال التالي للشرح :فالشخص الذي يميل إلى التصرف بعدوانية في موقف معين، سوف يميل دوما إلى العدوانية في الكثير من المواقف المشابهة.
مفهوم التعلم بالملاحظة
يفترض هذا النموذج من التعلم أن الإنسان كائن اجتماعي يتأثر باتجاهات الآخرين ومشاعرهم وتصرفاتهم وسلوكهم، أي يستطيع أن يتعلم منهم نماذج سلوكية عن طريق الملاحظة والتقليد. ويشير التعلم بالملاحظة إلى إمكانية التأثر بالثواب والعقاب على نحو بدلي أو غير مباشر وقد أفاد باندورا في إحدى دراسته على رياض الأطفال بتقسيم التلاميذ إلى خمس مجموعات كما يلي:
1- قام أفراد المجموعة الأولى بملاحظة رجل يعتدي جسديا ولفظيا على دمية كبيرة بحجم إنسان، مصنوعة من المطاط، و مملوءة بالهواء.
2- وقام أفراد المجموعة الثانية بمشاهدة الأحداث نفسها مصورة في فلم سينمائي.
3- وقام أفراد المجموعة الثالثة بمشاهدة المشاهد العدوانية السابقة نفسها، في فيلم كرتون.
4- أما أطفال المجموعة الرابعة فلم تعّرض لهذه المشاهد، فكانت المجموعة الضابطة.
5- أما المجموعة الخامسة فشاهدت شخص يعتبر مثالا للنوع المغلوب المسالم غير العدواني.
بعد الانتهاء من عرض هذه النماذج، تم وضع كل طفل في وضع مشابه للنموذج الملاحظ. وقام الملاحظون بتسجيل سلوك هؤلاء الأطفال من عبر الزجاج وتم استخراج معدل
الاستجابات العدوانية كالتالي
أن متوسط الاستجابات العدوانية
للمجموعات الثلاث الأولى التي تعرضت إلى نماذج عدوانية، يفوق كثيرا متوسط استجابات المجموعة الرابعة الضابطة، التي لم تتعرض محاذاة إلى اليمينلمشاهدة النماذج كما تبين نتائج المجموعة الخامسة التي تعرضت لنموذج مسالم غير عدواني أقل من متوسط استجابات المجموعة الرابعة. و يقترح باندورا ثلاثة أثار للتعلم بالملاحظة وهي:
1- تعلم سلوكيات جديدة: إن التمثيلات الصورية والرمزية المتوفرة عبر الصحافة والكتب و السينما والتلفزيون و الأساطير والحكاية الشعبية ، تشكل مصادر مهمة للنماذج، وتقوم بوظيفة النموذج الحي، حيث يقوم المتعلم بتقليدها بعد ملاحظتها والتأثر بها.
2- الكف والتحرير: قد يؤدي ملاحظة بعض السلوكيات التي تميزت بالعقاب إلى تجنب أدائها. إن معاقبة المعلم لأحد تلاميذه على مرأى من الآخرين، فينقل أثر العقاب إلى هؤلاء التلاميذ بحيث يمتنعون عن أداء السلوك الذي كان سببا في عقاب زميلهم.وقد يلجأ البعض الآخر إلى تحرير الاستجابات المكفوفة أو المقيدة، وخاصة عندما لا يواجه النموذج عواقب سيئة أو غير سارة.
3- التسهيل: تختلف عملية تسهيل السلوك عن عملية تحريره. فالتسهيل يتناول الاستجابات المتعلمة غير المكفوفة والمقيدة والتي يندر حدوثها بسب النسيان, و الترك. أما تحرير السلوك، فيتناول الاستجابات المكفوفة التي ترفضها البيئة أو تنظر إليها على أنها سلوك سلبي.
تحليل التعلم الاجتماعي:
خصائص التعلم بالملاحظة مراحل التعلم بالملاحظة
شرط أساسي لحدوث التعلم،يتأثر بخصائص النموذج ومستوى النمو والنضج، و الدافعية والحوافز والحجات . مرحلة الانتباه
ضرورة التواصل، وتمثيل الأداء في الذاكرة بواسطة التدرب وتكرار النموذج لإجراء المطابقة بين سلوك المتعلم وسلوك النموذج.
مرحلة الاحتفاظ
أهمية التغذية الراجعة التصحيحية في تشكيل السلوك المرغوب فيه ، حيث تحتاج إلى مراقبة دقيقة من قبل المعلم أو النموذج. مرحلة إعادة الإنتاج
تتشابه مع نظرية الاشتراط الإجرائي وذلك لأهمية التعزيز و العقاب وتأثرهما على الدافعية في أداء السلوك. يمل المتعلم إلى تكرار السلوك المعزز وتجنب السلوك المعاقب عليه. مرحلة الدافعية
العوامل التي تؤثر على التعلم بالنموذج :
تتلخص العوامل المؤثرة في دافعية تقليد النموذج أو عدم المثابرة في محاكاته حسب المخطط التالية:
فرضيات التعلم بالملاحظة:
تستند الفرضيات الخاصة لشرح ا لتعلم بالنموذج إلى:
1-الكثير من التعلم الإنساني معرفي: يتميز تعلم الإنسان بالتصور أو المعرفة ، وتتضمن هذه المعرفة النظم اللغوية والصور الذهنية والرموز الموسيقية والعددية، وتصبح المعرفة عمل رئيسي في مجلات وظيفية مثل الإدراك وحل المشكلات والدافعية.
2-نتاج الاستجابات مصدر التعلم الإنساني: يؤدي حدوث الاستجابة إلى نتيجة ايجابية أو سلبية و محايدة ،فهي تمارس تأثيرها على رصيد السلوك و تأخذ هذه التأثرات ثلاث أبعاد
خصائص الأبعاد الثلاثة أبعاد التأثيرات لمختلف الاستجابات
تكوين الفرضيات حول أي سلوك نتائجه ناجحة، تستخدم هذه الفرضيات كدليل للعمل المستقبلي القائم على الاحتمالات للاستجابة بمختلف أنواع السلوك.
المعلومات
المعلومات المكتسبة من خلال الخبرة، تصبح باعثا للسلوك في الوقت الحاضر رغم عدم حضور شروط الباعث في البيئة الدافعية
زيادة التكرار الاستجابة السابقة يؤدي إلى تدعيم الاستجابة التعزيز
التعلم عن طريق الملاحظة مصدر ثاني للتعلم: يكتسب الإنسان الكثير من السلوكيات عن طريق مراقبة ما يفعل الناس والذي يحدث عندما يفعلون ذلك، مثل اكتساب اللغة والعادات الثقافية والاتجاهات والانفعالات.
-تتأثر عملية الانتباه بالنموذج والملاحظة وظروف الباحث: يتأثر الانتباه بالسن والجنس و المستويات الاقتصادية إلى جانب الجاذبية المتبادلة والقوة الاجتماعية التي يتم إدراكها.
- الترميز والإعادة يساعدان عملية الاحتفاظ:يمكن تعزيز الاحتفاظ بعدد من استراتجيات الإعادة والتدوين الرمزي اللفظي والتصوري، وهو الذي يفسرا لسرعة في الاكتساب والاحتفاظ الطويل المدى.
- عملية الاستخراج الحركي تتضمن صورا عقلية وأفكار لتوجيه الأداء الظاهر:تعمل الصور العقلية والأفكار المكتسبة كمثيرات داخلية شبيهة بالمثيرات الخارجية التي يقدمها النموذج، حيث يتم اختيار الاستجابات على أساسها وتنظيمها على المستوى المعرفي.
- تتأثر الدفعية بالتعزيز الخارجي والبديل والذاتي:يعتمد اكتساب السلوك على توفر البواعث الضرورية لذلك ، المتمثلة في أنواع التعزيز المقدمة من طرف النموذج الملاحظ. فيؤدي ذلك إلى كبت السلوك أواعاداته.
- تنتقل معلومات الاستجابة في التعلم بالملاحظة من خلال التوضيح المادي أو الصور: تعتبر المهارات اللفظية المكتسبة من الولدين أكثر الطرق في نقل المعلومات عن الاستجابات المراد نمذجتها، كما يعتبر التمثيل بالصور لسلوك النموذج مصدر آخر لاكتساب المعلومات من خلال وسائل الإعلام كالتلفاز و جهاز الكمبيوتر والسينما.
- التعرض للنموذج قد يؤدي إلى آثار مختلفة: أكد باندورا ، أن ملاحظة النموذج ،يؤدي إلى كف السلوك أو تحريره أو تعلم سلوكيات جديدة .
-التعلم بالملاحظة مصدر لتعلم المبادئ والقواعد الاجتماعية: يمكننا التعلم بالملاحظة من اكتساب القواعد والمبادئ الاجتماعية، وذلك من خلال ملاحظة النموذج وتقليده وفقا للتعزيز المقدم إليه. حيث يرسم المتعلم صورة مجردة للعناصر العامة في سلوك النموذج الذي يراد تطبيقه.
- التعلم بالملاحظة مصدر للإبداع:إن التمايز و الاختلاف المتباين في النماذج المقدمة ، يؤدي إلى احتمال ظهور سلوك مستحدث.
- التطبيقات التربوية:
يقدر اتجاه التعلم بالملاحظة، بكونه نموذجا للتدريس الحالي لما يوفر ه من خبرات تعليمية. حيث يخضع التعلم إلى الملاحظة وأداء ا لسلوك ثم الجزاء.
النظرية البنائية لجون بياجي في النمو المعرفي:
يتوجب على المعلم معرفة سلوك تلاميذه وكيف يتعلمون وماذا يتعلمون وكيف يوظفون ويحولون مكتسباتهم. وللحصول على هذا النوع من المعرفة عليه أن يدرس عمليات النمو المعرفي، التي تمثل نقطة التقاء بين علم النفس النمو وعلم النفس التربوي. حيث تقوم نظرية بياجي بشرح عملية الاكتساب وفقا للنمو العقلي.
ولد جون بياجي في نيوشتل بسويسرا عام 1896 ، وقد كان في طفولته لامعا، ذا رغبة عالية في الاستطلاع. نشر أول مقال علمي وهو في العاشرة من عمره.
وفي الحادية عشرة من عمره، عمل مساعدا في مختبر المتحف التاريخي الوطني، ثم أصبح خبيرا بالمتاحف. نال أول شهادة جامعية في الثامنة عشرة من جامعة نيوشتل، وأصبح بعد ذلك موظفا في جنيف. وتحصل على شهادة الدكتوراه في العلوم الطبيعية وعمره 21 سنة. وقد اشتهر خارج سويسرا، بالعمل مع بينه في باريس في تصميم اختبارات الذكاء.
ويعتبر بياجي من أهم علماء النفس الذين قدموا نظرية شاملة لتفسير الذكاء وعمليات التفكير. و ألف أول كتاب في علم النفس التطوري عام 1921 حيث تسلم جراء ذلك إدارة مركز جان جاك روسو للعلوم التربوية في جنيف.
قام بياجي بنشر ما يزيد عن 20 بحثا في حقل علم الحيوان . أما المرحلة الثانية من أبحاثه، فقد تضمنت ولادة أطفاله الثلاثة (جاكلين ، لورنس ،و لووسين) في الأعوام 1925،1927،1931، مما وفر له مختبرا سيكولوجيا لتدوين ملاحظته الخاصة بالنمو المعرفي . وكرس أبحاثه كلها لدراسة النمو العقلي عند الأطفال محاولا بذلك فهم شكل التفكير عند الراشد. أضف إلى ذلك، اهتمامه بالدافعية والإدراك والاتجاهات والقيم عند الأطفال. ولاقت أبحاثه تأثيرا كبيرا في الولايات المتحدة الأميركية ، حيث ترجمت أبحاثه من الفرنسية إلى الانجليزية في العشرينات من القرن الحالي.
النمو المعرفي عند جون بياجي:
ينظر بياجي إلى النمو المعرفي من زاويتين وهما البنية العقلية والوظائف العقلية. و يرى أن النمو المعرفي لا يتم إلا بمعرفتهما. أما البناء العقلي فيشير إلى حالة التفكير التي توجد في مرحلة ما من مراحل نموه.و الوظائف العقلية تشير إلى العماليات التي يلجأ إليها الفرد عند تفاعله مع مثيرات البيئة التي يتعامل معها.
يهتم بياجي بتطور التراكيب أو الأبنية المعرفية ، حيث يؤكد أن الوظائف العقلية عند الإنسان موروثة وبالتالي فهي ثابتة لا تتغير. أما الأبنية العقلية فلا تتغير مع مرور الزمن نتيجة تفاعل الفرد مع البيئة. ويضيف بياجي وظيفتين أساسيتين للتفكير لا تتغير مع تقدم العمر هما:
التنظيم والتكيف، حيث تمثل وظيفة التنظيم نزعة الفرد إلى ترتيب العماليات العقلية
وتنسيقها في أنظمة كلية متناسقة ومتكاملة. أما التكيف فتمثل نزعة الفرد إلى التلاؤم مع البيئة .
ويعتبر التكيف تغيرات في العضوية تحدث استجابة لمطالب البيئة، ويتم التكيف من خلال عمليتين هما الاستيعاب والمماثلة. فأما الاستيعاب فهو تعديل المعلومات الجديدة أي التغير في المحيط لجعله يوافق البنيات العقلية.وأما المماثلة فهي التغير في الأبنية العقلية لجعلها متوافقة مع البيئة التي يواجهها.
ولتفسير العماليات العقلية استخدم بياجي مصطلح شام أو السكيما ليشير إلى البنية العقلية ، وقد يكون الشام بسيط جد كما هو الحال في منعكس الرضاعة ، أو يكون معقد كما هو الحال في استخدام اللغة.ويعتبر بياجي النمو المعرفي يتقدم نحو التفكير الأكثر تجريدا ، ومما لا شك فيه هو كون العماليات العقلية المكتسبة مبكرا حجر الأساس الذي تبنى عليه العماليات المعرفية الأكثر تعقيدا فيما بعد . ولقد حدد بياجي أربع عوامل للانتقال من مرحلة نمو إلى أخرى.
1- النضج: يرتبط النمو المعرفي بصفة عامة بنضج الجهاز العصبي المركزي والتناسق الحركي، فوظيفة المشي تتطلب نمو العضلات ونضجها بالاظافة إلى نضج الأعصاب المتحكمة فيها.
2- التفاعل مع الخبرة المادية: إن تفاعل الطفل مع بيئته المادية، يزيد من نسبة نموه، وذلك بزيادة عدد خبراته التي تمكنه من الوصول إلى التفكير المعقد.
3- التفاعل مع البيئة الاجتماعية: يعتبر اكتساب الخبرات بواسطة استعمال اللغة للتواصل مع مجموعة الرفاق، والاكتساب المدرسي مؤشرين لزيادة معدلالنمو المعرفي.
4- التوازن: هو عملية تنظيم ذاتي يستوجب استعادة حالة التوازن في حالة عدم التوازن التي تمر بها العضوية، وذلك باستخدام سلسلة لمتناهية من الاستيعاب والملائمة يمكننا شرح ذلك من خلال المثال التالي: "البكاء عند الرضيع الجائع تعبيرا عن حالة التوتر أو عدم التوازن" " العب والمناغاة عند الرضيع بعد أخذ الطعام، تعبيرا عن استرجاع حالة التوازن والوصول إلى "حالة الإشباع".
"توتر وقلق التلميذ أمام مشكلة تعليمية يستعصى حلها"تعبيرا عن فقدان حالة التوازن.
"حل المشكلة بشكل صحيح"يعبر عن زوال حالة التوتر واستعادة التوازن.
الافتراضات الأساسية في نظرية بياجي:
1- يرى بياجي أن للطفل قدرات فطرية تمكنه من التفاعل مع البيئة والتزود بالخبرات بواسطة اكتشفه للعالم. . فالمولود حديثا يتمكن من التفاعل مع الوسط باستخدام انعكاسات فطرية تمكنه من التحكم في المحيط والتكيف معه، مثل المص والقبض على الأشياء.
2- تتحول الانعكاسات إلى سلوك هادف، حيث يقوم الطفل بالجمع بين الهدف والوسيلة باستخدام وسائل جديدة للاستكشاف.
3- عملية الاستكشاف تحدث في تسلسل منطقي، فلا يستطيع الطفل إدراك وفهم مبادئ الجمع والطرح إلا بعد اكتساب ثبات الموضوعات ويتم التقدم في هذه السلسلة ببطء وبشكل تدرجي.
4- تؤثر البيئة التي يعيش فيها الطفل في معدل النمو الذي يسر فيه .
مراحل النمو المعرفي عند بياجي:
يتفق علماء النفس النمو على أن نمو الإنسان يتضمن خاصيتي الاستمرار وعدم الاستمرار فهو يسير على نحو مستمر خلال مراحل محدودة ، حيث تتزامن خصائص النمو المستمر وخصائص النمو المرحلي في الحدوث.كما يستخدم مفهوم المرحلة ليشير إلى التغيرات الحادة التي تمس السلوك أثناء فترات النمو المختلفة. إذا فهي عبارة عن مجموعة من الظواهر والأنماط السلوكية. ولفهم مفهوم المرحلة عند بياجي لابد من التعرض إلى مايلي:
- تتميز كل مرحلة بفترة تشكيل وفترة تحصيل، أما فترة التحصيل فتتصف بالتنظيم المستمر للعماليات العقلية في مرحلة معينة، وتصبح هذه المرحلة نقطة انطلاق لتشكيل المرحلة الموالية.
- كل مرحلة من المراحل تتكون في الوقت نفسه من فترة التحصيل للمرحلة التي سبقتها بهذا يمكن التأكيد على أن المراحل ليست منفصلة عن بعضها البعض.
- ترتيب المراحل ثابت لا يتغير إلا أن سن تحصيل المرحلة يتغير حسب الفروق الفردية المرتبطة بالنضج والبيئة الوراثية والاجتماعية بالاظافة إلى عوامل التدريب و الدوافع.
- يخضع النمو من مرحلة إلى أخرى إلى قانون التكامل، بمعنى أن كل الأبنية المعرفية السابقة تدمج ضمن أبنية المرحلة اللاحقة.
يعتقد بياجي أن كل الأشخاص يمرون بأربع مراحل من النمو المعرفي، تبدأ بالمرحة الحسية حركية و تنتهي بمرحلة التفكير المجرد. حيث لا يمكن العودة أو النكوص إلى مرحلة سابقة.
يمكن لنا أن نلخص مراحل النمو المعرفي في مايلي:
1- مرحلة التفكير الحسي الحركي من (0الى سنتين):
تبد حياة الإنسان باستخدام الحواس والنشاطات الحركية التي تتم بشكل تلقائي لاستكشاف المحيط الذي يعيش فيه. ويمكننا تلخيص مميزات هذه المرحلة كالتالي:
- يتم التفكير بواسطة نشاط الطفل .
- يتحسن التآزر الحركي .
- تناسق الاستجابة الحركية.
- يتطور الوعي بالذات تدرجيا.
- تطور فكرة ثبات الأشياء.
- تظهر البوادر الأولى للغة.
2- التفكير ماقبل العماليات من (2 إلى 7 سنوات):
تعتبر مرحلة انتقالية وتتميز بظهور اللغة والتحكم فيها بالاظافة إلى ظاهرة التمركز حول الذات وعدم ثبات الإدراك وذلك من حيث الحجم والوزن والشكل واللون ، كما يتميز تفكير الطفل في هذه المرحلة بالا حائية أي إعطاء الحياة لكل شيء جامد أو ميت .ولقد سميت بمرحلة ماقبل العماليات ، لكون الطفل غير قادر على الدخول في عماليات ذهنية بعيدة عن المنطق ويعالج أغلب الأشياء عن طريق الحواس فهو يعد الأصابع لمعرفة عدد الأشياء مثلا. وتنقسم هذه المرحلة بدورها إلى مرحلتين وهما
1- مرحلة ماقبل المفاهيم من(2الى 4سنوات): يستطيع الطفل القيام بعملية تصنيف بسيطة حسب مظهر واحد كاللون مثلا، ولا يمز الطفل بين الأحجام والأوزان، فهو يظن أن الشيء الكبير رغم خفته يغوص في الماء ولا يطفو والشيء الصغير رغم ثقله يبقى على سطح الماء.
2 - المرحلة الحدسية من(4الى 7 سنوات):
يتمكن الطفل من التصنيفات المعقدة حدسا أي دون الخضوع لقاعدة يعرفها أو منطق معين. وخلال هذه المرحلة يبدأ الوعي التدرجي بثبات الخصائص أو ما يسمى بالاحتفاظ. وتتميز هذه المرحلة بالخصائص التالية :
- ازدياد النمو اللغوي واستخدام الرموز الغوية بشكل أكبر .
- تفكير المتمركز حول الذات.
- تكوين المفاهيم وتصنيف الأشياء .
- تقد م الإدراك البصري على التفكير المنطقي.
3- مرحلة تفكير العماليات المادية من 7الى 11 سنة :
يستخدم مصطلح العماليات لدلالة على الأعمال والأنشطة العقلية التي تشكل منظومة معرفية وثيقة، ويستطيع الطفل خلال هذه المرحلة التنبؤ بالظواهر وتفسيرها علميا ولكن على مستوى مادي وملموس. وتزول ظاهرة التمركز حول الذات تدرجيا ، إلى أن يصل الطفل إلى التفكير الاجتماعي عن طريق فهم الأخر والتواصل معه.أضف إلى ذلك تطور مفهوم الاحتفاظ من حيث الكتلة والحجم و الوزن .
ومن أهم مميزات هذه الفترة هي:
- الانتقال إلى لغة اجتماعية بعد ما كانت متمركزة حول الذات.
- استخدام الملموس للموضوعات المادية في التفكير وحل المشكلات.
- يتطور مفهوم الاحتفاظ. والمقلوبية
- تطور عماليات التجميع والتصنيف وتكوين المفاهيم.
- الفشل في التفكير في الاحتمالات المستقبلية .
ومن بين الصعوبات التي يواجهها تفكير الطفل في هذه المرحلة:
- ضعف القدرة في الوصول إلى استدلالات منطقية .
- ضعف الطفل في اكتشاف المغالطات المنطقية.
- العجز في التعامل مع الفروض التي تغاير الواقع .
4- مرحلة التفكير المجرد من 11أو 12 سنة فما فوق:
يظهر في هذه المرحلة الاستدلال المنطقي المجرد الرمزي حيث يتمكن كل الأطفال من وضع الفرضيات واختبارها. وتطوير استراتجيات لحلها دون الرجوع إلى الماديات .وتتميز هذه المرحلة بما يلي:
- تتوازن عملية الاستيعاب والملائمة .
- تطور التفكير الاستدلالي.
- تطور تخيل الاحتمالات قبل تقديم الحلول .
- التفكير في احتمالات المستقبل .
- استخدام التفكير العلمي في تحليل الظواهر.
المفاهيم الأساسية في نظرية بياجي:
النمو المعرفي: تحسن ارتقائي منظم لأشكال المعرفية التي تتشكل من حصيلة الخبرات. يهدف إلى تحسين عملية التوازن بين عملية الاستيعاب والملائمة .
البنى المعرفية : هي مجموعة من القواعد يستخدمها الفرد في معالجة الموضوعات والتحكم في العالم .
العمليات: الصورة الذهنية للعمليات المختلفة في تحقيق الفهم وحل المشكلات.
السكيما: صورة إجمالية ذهنية لحالة المعرفة الموجودة ، تتمثل في تصنيف
وتنظيم الخبرات الجديدة التي يدخلها الفرد في أبنية ذهنية معرفية، وهي أسلوب خاص بتمثيل العالم و أحداثه ذهنيا.
الوظائف العقلية :هي العمليات التي يلجأ إليها الفرد عند تفاعله مع المحيط.
التنظيم: يشير هذا المصطلح إلى كون العمليات العقلية مرتبة ومنسقة في أنظمة كلية متناسقة، ويعتبر ميل ذاتي يشكل استعداد يجعل الطفل يقوم بإحداث ترابط بين المخططات الذهنية بكفاءة عالية.
التكيف : يشير هذا المفهوم إلى الوظيفة العقلية الثانية عند بياجي التي تعبر عن نزعة الفرد نحو التلاؤم وتألف مع البيئة التي يعيش فيها.
ثبات الموضوعات : يعني إدراك الطفل للأشياء على أن موضوعاتها يستمر وجودها حتى وان كانت بعيدة عن مجال إحساسه.
الاحتفاظ: يعني إدراك أن تغير الخصائص المادية للأشياء لا يغير بالضرورة من جوهرها.
الاستيعاب: عملية تعديل الخبرات والمعلومات الجديدة لتتوافق مع البنية العقلية الحالية للفرد، وتعني أيضا استخدام الخبرات والمكتسبات السابقة في حل المشكلات الجديدة المماثلة لمشكلة سابقة. أي التغيير في المحيط لجعله يتوافق مع البنية العقلية الحالية للفرد .
الملائمة: هي عملية تغيير أو مراجعة السكيمات الموجودة عند الفرد خلال مواجهة مشكلات وخبرات جديدة . وبالتالي هي التغيير في البنيات العقلية لتتوافق مع الموقف البيئي أو التعليمي، ويعني ذلك التفكير في الحصول على حلول جديدة.
المقلوبية: القدرة عل تمثيل الداخلي لعملية عكسية بحيث يكون قادرا على التأمل في الآثار المترتبة عند إبطال الاحتمال الأول مثال(1+1 =2)(1-1=؟).
يتصاعد البخار من الإناء المتواجد على الفرن إذا الماء يغلي. النتيجة العكسية: الإناء في البراد إذا الماء يتجمد.
الذكاء:هو التوازن الذي تسعى إليه التراكيب العقلية أي تحقيق التوازن بين التراكيب العقلية والمحيط وبمعنى آخر تحقيق التكيف في أبعاده المختلفة (البيولوجي النفسي العقلي والاجتماعي والوجداني).
تطبيقات نظرية بياجي في الميدان التربوي:
- يرى بياجي أن التربية لا تتواجد ألا على شكل نظريات مشكلة من طرف المتعلم ،الذي يجب أن يكون عضوا نشيطا وفعال من الناحية العقلية والمادية، وذلك باستخدام وسائله الخاصة.
- إن حالات عدم التوازن التي تعبر عن الحالة الداخلية للمتعلم عند الفشل في الوصول إلى الحلول الناجعة للمشكلة، قد تصبح منبع لمواصلة الجهود في تحقيق التعلم.
- إن طريقة المقابلة الفردية التي وضعها بياجي في ملاحظة سلوكيات الأطفال، تعتبر وسيلة ناجحة إذا ما استعملها المربي في فهم مشكلات التعلم و التمدرس عند التلاميذ.
- إن التعلم بواسطة حل المشكلات ، جعلت بياجي يتأكد أن التعلم لا يتم بشكل كلي وإنما يتم على شكل اكتسابات جزئية يشكلها المتعلم في قلب بنائي. فالمعرفة الأولية تعتبر قاعدة الأساس الذي تبنى عليها المعارف اللاحقة. إذا لبناء المعرفة يجب تجميع كل الأجزاء في قالب معرفي كلي.
- لقد أكد (فلافل1985) على أهمية نظرية بياجي وتأثيرها في دراسة القدرات العقلية المعرفية عند الأطفال .
- إن إتاحة العديد من فرص التفاعل بين المتعلم وبيئته الطبيعية والاجتماعية يؤدي إلى تطور النمو المعرفي بشكل أفضل.
- مراعاة قدرات الطفل ونموه في بناء البرامج التربوية المخصصة له.
- ضرورة الاستفادة من أخطاء المتعلم في بناء المواقف التعليمية بتجاوز جوانب الضعف فيها.
- توفير الألعاب لتربوية وتدعيم الأنشطة التعليمية باللعب وجعل المتعلم يشعر بالحرية وتلقائية والمتعة أثناء أدائها.
سيكولوجية الدوافع:
تمثل الدافعية نقطة اهتمام جميع الباحثين في ميدان التربية ، حيث ينظر إليها على أنها المحرك الرئيسي لسلوك الإنسان والحيوان على حد السواء . ويتلخص مفهوم الدافعية في مجموع الرغبات والحاجات والميول والاتجاهات التي توجه السلوك نحو الهدف المراد تحقيقه.
تحديد مفهوم الدافعية:
تعرف الدافعية بالحالة الداخلية التي تسهل وتوَجه و تدعم الاستجابة، كما أنها تحافظ على استمرارية السلوك حتى يتحقق الهدف . ويشير الدافع إلى مجموعة الظروف الداخلية والخارجية التي تحرك الفرد.وذلك لاسترجاع حالة التوازن بإرضاء الحاجات أو الرغبات النفسية أو البيولوجية .
مفهوم دافعية التعلم:
ينظر إلى الدافعية من الناحية السلوكية على أنها الحالة الداخلية أو الخارجية للمتعلم ، التي تحرك سلوكه وأداءه وتعمل على استمراره وتوجهه نهو الهدف أو الغاية.أما من الناحية المعرفية، فهي حالة داخلية تحرك أفكار ومعارف المتعلم وبناه المعرفية ووعيه وانتباهه، حيث تلح عليه على مواصلة واستمرار الأداء للوصول إلى حالة التوازن المعرفي والنفسي. و أما من الناحية الإنسانية، فهي حالة استثارة داخلية تحرك المتعلم للاستغلال أقصى طاقته في أي موقف تعليمي يهدف إلى إشباع رغباته وتحقيق ذاته.

أنواع الدوافع:
لقد ميز علماء النفس نوعين من الدوافع لدى الإنسان وهي:
1- الدوافع الفسيولوجية والدوافع النفسية :
نقصد بالدوافع الفسيولوجية، هي دوافع فطرية أولية ، التي تنشأ من حاجات الجسم الخاصة بالوظائف العضوية والفسيولوجية كالحاجة إلى الماء والطعام والجنس. أما الدوافع النفسية فهي دوافع ثانوية مثل حب التملك والتفوق والسيطرة والفضول والإنجاز. وتعتبر الدوافع الأولية أقل أثر في حياة الإنسان ويتوقف ذلك على درجة إشباعها.
2- الدوافع الداخلية و الدوافع الخارجية:
الدافع الداخلي هو تلك القوة التي توجد في داخل النشاط التي تجذب المتعلم نحوها ، فتؤدي إلى الرغبة في العمل مواصلة المجهود لتحقيق الهدف دون وجود تعزيز خارجي . ويؤكد (برونر) أن التعلم يكون أكثر ديمومة واستمرارية في حالة كون الدوافع داخلية و غير مدعمة بتعزيزات خارجية وتعتبر الدافعية من أهم العوامل المثيرة للتعلم ، فهي مصدر للطاقة البشرية والأساس الذي يعتمد عليه في تكوين العادات والميول والممارسات لدى الأفراد. كما أنها تعد القوى التي تدفع المتعلم إلى تعديل سلوكه وتوجهه نحو الهدف المطلوب. لقد أثبت الباحثون على وجود علاقة ايجابية بين الدافعية ومستوى التحصيل . وأكدوا أن دافعية الطلبة تسهم في تكوين اتجاهات ايجابية نحو المدرسة.
الدافعية في التعلم وظيفة من ثلاثة أبعاد وهي:
1- تحرير الطاقة الانفعالية في الفر د وإثارة نشاط معين من السلوك.
2- الاستجابة لموقف معين وإهمال المواقف الأخرى .
3- توجيه النشاط بغرض إشباع الحاجة الناشئة عنده وإزالة حالة التوتر مع تحقيق الهدف.
مكونات الدافعية :
يرى( كوهين، 1969)أن الدافعية تتكون من أربعة أبعاد و هي الإنجاز والطموح والحماسة والإصرار عل تحقيق الأهداف والمثابرة.
أما( حسين،1988) فقد استخلص ستة عوامل مكونة للدافعية ، وهي المثابرة و الرغبة المستمرة في الانجاز والتفاني في العمل والتفوق والظهور والطموح والرغبة في تحقيق الذات.

الاتجاهات النفسية و تفسيرها للدافعية
هي حالة تسيطر على سلوك الفرد وتظهر على شكل استجابات مستمرة ومحاولات موصولة بهدف الحصول على التعزيز المنشود. الاتجاه السلوكي
يعتقد أن السلوك محدد بواسطة التفكير والعمليات العقلية ليس بواسطة التعزيز والعقاب، و لهذا الاستجابات مبنية على التفسيرات المقدمة الأحداث.
الاتجاه المعرفي
يركز على الحرية الشخصية والقدرة على الاختيار واتخاذ القرارات والسعي الذاتي للنمو والتطور.التوجه نحو إشباع الحاجات والرغبات وتحقيق الذات.
الاتجاه الإنساني
حسب باندورا، فانه يعتمد على الأفكار والتوقعات حول النتاج الممكن للسلوك و إحساس الفرد بالكفاية لذاتية و وضع الأهداف. فتحقيق الهدف يؤدي إلى الشعور بالرضا الإشباع .وبالتالي تحقيق الذات. الاتجاه المعرفي الاجتماعي لباندورا
قياس الدافعية : لا يمكن قياس قوة الدافعية بشكل مباشر، وإنما بشكل غير مباشر ضمن الطرقتين التاليتين :
- قياس قوة الدافعية بواسطة الحرمان : تعد كمية الحرمان طريقة تقدير لدرجة الدافعية عند المتعلم وذلك بقياس الحرمان بالوقت المنقضي مند آخر إشباع .
- قياس قوة الدافعية من خلال السلوك : لا يمكن قياس كل الدوافع بواسطة الحرمان، لهذا تستخدم الملاحظة للسلوك كوسيلة للاستدلال عن حالة الدافعية بالاعتماد على الاشتراط الإجرائي .
علاقة الدافعية بسلوك الأداء :
لقد أكدت الدراسات وجود ارتباط وثيق بين الدافعية وأداء السلوك، فازدياد الأداء يؤدي إلى ارتفاع قوة الدافعية . كما أكد قانون ييركس- دود سون على أنه كلما كانت المهمة صعبة تطلبت مستوى أدنى من الدافعية وأقصى حد من الأداء. وترتبط الدافعية ومستوى الأداء باستخدام التعزيزات المختلفة.فكلما كان التعزيز قويا وايجابيا أدى ذلك إلى ارتفاع في مستوى الأداء وقوة الدافعية.
- العوامل المؤثرة في قوة دافعية التعلم : للمحافظة على قوة الدافعية عند المتعلمين لبدا من الأخذ بالإرشادات التالية :
- تحديد الأهداف بشكل واضح و مثيرة للانتباه.
- تعزيز استجابات المتعلم بالحوافز والمكافآت.
- إزالة حالة التوتر والقلق والصراع في حل المشكلات المطروحة، وذلك بتقديم نماذج من الاستراتجيات الناجعة والفعالة لحل المشكلات دون تعريض المتعلم للإصابة بالتوتر والقلق أمام الصعاب.
- تقديم للمتعلم طرائق بسيطة وناجعة تمكنه من التعلم بسرعة وبشكل جيد و بأقل مجهود.
- تقديم فرص للمشاركة في تحديد الأهداف و اختيار أنواع النشاط الذي يرغب فيه المتعلم.
- تعويد الطفل على تحمل المسؤولية الذاتية لتحمل نتائج أعماله من نجاح أو فشل .
- تعزيز فرص الاستقلالية والاعتماد على الذات في اختيار الأنشطة وممارستها.
- إثارة استعداد المتعلم لعملية التعلم .
- تنظيم طريقة التدريس بكيفية مثيرة الانتباه والدافعية.
وبهذا نكون قد عرفنا طريق وسيكولوجية التعلم وروادها وكيف لنا ان نعتمدها اذا شئنا في مجال التعلم في البيت او المدرسه.